دراساتصحيفة البعث

غزة.. مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي

سمر سامي السمارة

بعد إصدار الأمم المتحدة أحدث النتائج المتعلقة بالفلسطينيين الذين يواجهون مستوياتٍ كارثية من انعدام الأمن الغذائي، أكّد مسؤول قيادي في مجال الغوث الإنساني في قطاع غزة، أن إنقاذ مئات الآلاف من الأشخاص في غزة يمكن أن يكون “بسيطًاً للغاية”، لكن اسمرار الحصار الإسرائيلي على القطاع ومواصلة عرقلة وصول المساعدات الإنسانية وقصف المدن في جميع أنحاء الأراضي المحتلة جعل المهمة مستحيلة.

من جهتها، قالت مديرة فريق الصحة العامة في منظمة “أنقذوا الأطفال” في رفح راشيل كامينغز: نحن نعرف كيفية الوقاية من سوء التغذية، وكيفية علاجها، لكننا لا نُمنح الفرصة للقيام بذلك، فالقيود الصارمة التي تفرضها “إسرائيل” على دخول المساعدات، فضلاً عن استمرار الغارات على القطاع، أعاقت الفريق عن إدارة العيادات كما نفعل عادة، وكما فعلنا في حالات طوارئ أخرى لا حصر لها”.

وجاءت تعليقات كامينغز في الوقت الذي أصدر فيه التصنيف المرحلي المتكامل لحالة الأمن الغذائي والأوضاع الإنسانية، أحدث تقرير خاص لانعدام الأمن الغذائي الحاد في غزة بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على العدوان الإسرائيلي على القطاع، الذي أدّى إلى استشهاد أكثر من 37718 فلسطينياً على الأقل، وإصابة ما لا يقل عن 86377.

ووجد تقرير التصنيف المرحلي المتكامل أن أكثر من 495,000 شخص في غزة، حيث يشكّل الأطفال ما يقرب من نصف السكان، يعانون من نقص حاد في الغذاء، ويواجه 96% من السكان نقصاً حاداً في الغذاء.

بدورها أفادت وزارة الصحة في غزة أن ما لا يقل عن  34 طفلاً استشهدوا بسبب سوء التغذية الحاد، مضيفة: إن واحدة من كل خمس أسر يقضون  بانتظام أياماً كاملة دون طعام، على الرغم من زيادة عمليات تسليم المساعدات في الأسابيع الأخيرة.

وحذرت جماعات الإغاثة من أن إسقاط المساعدات الإنسانية جواً ليس كافياً لتجنب أزمة المجاعة التي خرجت عن نطاق السيطرة منذ تشرين الأول 2023، عندما بدأت قوات الاحتلال عدوانها، مدعية أنها كانت تستهدف “حماس” حتى مع قصف البنية التحتية المدنية بشكل متكرر.

جذب تحليل التصنيف المرحلي المتكامل الاهتمام في العناوين الرئيسية لبعض المنافذ التي سلطت الضوء على حقيقة أن رصد حالة الجوع تجنب إعلان حدوث مجاعة في غزة، لكن منظمة إنقاذ الطفولة أشارت إلى أن التقييم الكامل “تمت عرقلته” بسبب “القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية”.

وقالت منظمة أنقذوا الأطفال: “على الرغم من أن سكان شمال غزة قد تم انتشالهم مؤقتاً من حافة المجاعة، وهو ما تحدثت عنه لجنة السلام الدولية لشهر حزيران، إلا أن هذا يرجع فقط إلى السماح لمساعدات محدودة بالوصول إلى من هم في أمس الحاجة إليها”.

ووجد التصنيف المتكامل أن نحو 745 ألف طفل وبالغ يواجهون سوء التغذية الحاد والمخاطر المتزايدة للوفاة بسبب الجوع، وهو ما يصنفه نظام الرصد على أنه “ظروف طارئة لانعدام الأمن الغذائي”.

وخلص التصنيف إلى أن “خطر المجاعة لا يزال قائماً في جميع أنحاء قطاع غزة مع اسمرار العدوان وتقييد وصول المساعدات الإنسانية، مضيفاً: إن وقف الأعمال العدائية بالتزامن مع وصول المساعدات الإنسانية بشكل مستدام إلى قطاع غزة بأكمله فقط، يمكن أن يقلل من خطر حدوث مجاعة في القطاع.

وأظهر التقرير، حسب منظمة إنقاذ الطفولة، أن “جميع الأطفال في غزة معرّضون لخطر المجاعة بسبب قيام “إسرائيل” بمنع المساعدات الإنسانية منذ أشهر بدعم من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى”.

وأفادت منظمة إنقاذ الطفولة، التي تقدّم خدماتٍ طبية وصحية عقلية ومساعدات نقدية مباشرة وإمدادات للعائلات، عن وصول 40 حالة لأطفال يعانون من سوء تغذية حاد ومهدّد للحياة في إحدى عياداتها خلال خمسة أسابيع فقط، بالإضافة إلى البالغين الذين يعانون من أعراض تشمل الوزن المنخفض للغاية، والتعب، وانخفاض ضغط الدم، والأمراض الأخرى المرتبطة بالجوع.

وقالت كامينغز: “إن معدل التدهور الصحي للسكان هنا بات غير عادي، فالمجتمعات التي كانت تتمتع بالصحة في السابق أصبحت هزيلة، ونحن نشهد زيادة في عدد الأطفال الذين يعانون من الإسهال واليرقان وأمراض الجهاز التنفسي، وهي جميعها أمراض يمكن أن تقتل طفلاً في غضون أيام عندما تقترن بالجوع الشديد، مضيفة: مع استمرار العدوان وعرقلة وصول المساعدات، يُمنع العاملون في المجال الإنساني أيضاً من تقديم الدعم للعائلات، ولمنع موت الأطفال بسبب الجوع وسوء التغذية، يجب أن تكون قادراً على الوصول إليهم وفحصهم وعلاجهم، إننا بحاجة إلى الوصول إلى المجتمعات المحلية، وتوفير التغذية التكميلية للأطفال والنساء الحوامل والمرضعات لمنع إصابة الأطفال بسوء التغذية في المقام الأول، وللأسر الحق في تلبية حقوقها الأساسية في الحصول على المياه النظيفة، والصرف الصحي، وخدمات الرعاية الصحية لمنع المزيد من الأطفال من الإصابة بمزيد من الأمراض”.

من جهته قال المؤسس المشارك والمدير التنفيذي السابق في منظمة هيومن رايتس ووتش أرييه نير: إن منع “إسرائيل” وصول المساعدات الإنسانية في غزة يؤكد أن الحكومة الإسرائيلية ترتكب إبادة جماعية في القطاع.

وفي كانون الثاني، أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً مؤقتاً جاء فيه أن حق الفلسطينيين في الحماية من الإبادة الجماعية “معرض لخطر حقيقي بحدوث ضرر لا يمكن إصلاحه”.