الحب.. وكم يشمل ويدوم
أكرم شريم
يبدو أن الحب هو الأشمل في حياة البشرية جمعاء!. وإن بإمكان الإنسان، أي إنسان، إذا أراد أن يتأكد من هذه الحقيقة، أن يجمع كل ما يحبه في هذه الحياة، ويريده، ويريد أن يبقى معه وله ومن أجله، وأن يجمع في الوقت نفسه كل ما يزعجه في هذه الحياة، وما يمكن أن يؤذيه، بل كل ما يكرهه ولا يريده، ولا يريد الاقتراب منه أو حتى أن يتذكره أو نذكره أمامه!. وبعد ذلك يستطيع أن يقارن بين ما يحب ومن يحب في هذه الحياة، وبين ما يكره، ومن يكره ومن المؤكد أنه سيجد الفرق كبيراً، وكما يقولون عادة، (من الأرض إلى السماء)! ذلك أن الحب هو الأكثر والأشمل في حياة كل إنسان. فلماذا إذن ننزعج من هذا التصرف أو الشخص، أو هذا القرار أو الرأي، أو الموقف أو الشيء، ونحن في الأصل، وفي الأساس أصحاب القرار وفي كل ما نريد وما نحب وما نكره، وقد خلقنا الله سبحانه وتعالى على هذه الشاكلة: أصحاب قرار ورأي ومشاعر؟! وإذا احتاج الأمر نعادي.. نعم!. وإذا احتاج الأمر نحارب.. نعم!.. وإذا احتاج الأمر نكشف ونواجه وبكل قوة!. إذن .. فإن ما نحبه ونريده في هذه الحياة هو الأكثر والأحلى لنا والأفضل!. وهو، وهذا مهم أيضاً، الأكثر ديمومة وفي معظم الأحيان يدوم لنا ومعنا وعندنا مدى الحياة!.
تعالوا هنا نضرب الأمثلة: هذا الحب الذي نعيش به.. نختار به.. نقبل ونرفض به.. نطمح ونيأس به.. نكبر ونصغر به.. والذي يشمل ويشمل.. ولا يترك شخصاً أو شيئاً أو رأياً لنا به أو معه مصلحة أو رغبة أو حاجة إلا ويشمله.. لا تحدثني عن الصدفة أو الأشخاص السلبيين، فهل يمكن أن تكره ابنك؟! وهذا الطفل الذي يسير في الطريق أليس هو أمانة في أعناق كل من يسيرون في ذلك الطريق؟!. هل تقبل أن يصيبه أي مكروه؟! هل راقبت مرة كيف يعيش زوجان (ختياران) تجاوزا السبعين أو الثمانين من العمر وهما يتعاونان وبكل التنازلات والتضحيات والعطاء الغامر؟!. هل شاخ هذا الحب أم أنه شاخ ولم يشخ!. ولا يمكن أن يشيخ!؟ أبعدوا عني وعنكم كل الأمثلة السيئة أو السلبية، وانظروا كم هي قليلة ومحدودة ويبعدها الجميع عنهم كما نبعدها نحن، قارن بين عدد أبناء شعبك ومن منهم في السجون، وكذلك في كل بلدان العالم؟!.
وفي نظرة واسعة وشاملة الآن لنأخذ القرابة: كم لك من الأقرباء في كل حياتك وفي كل مكان، وهل من تكره منهم رقم يُذكر أمام كل هؤلاء الذين تحب وتحترم منهم؟!. ولنأخذ الصداقة أيضاً.. كم لك من الأصدقاء وفي كل حياتك وفي كل مكان، وهل من تكره منهم رقم يمكن أن يُذكر أمام كل أصدقائك الذين تحب وتحترم؟! طبعاً لا!. تابع إلى الجيران، وأهمية الجار معروفة، حتى إن المثل الشعبي العفوي يقول: الجار قبل الدار، فكم لك من الجيران في كل حياتك وفي كل مكان، وهل من تكره منهم رقم يمكن أن يُذكر أمام كل من عرفت وتعرف من الجيران ودون أن تكره أحداً منهم في كل حياتك؟! طبعاً لاّ. تابع معي إذن إلى الزمالة، بدءاً من الساعات الأولى في المدرسة أو الروضة إلى كل الصفوف في كل السنوات وحتى النهاية، إلى زملاء العمل، القريب منهم والبعيد، وانظر الآن كم عرفت وتعرف في حياتك من الزملاء وفي كل المجالات. فهل من تكره منهم رقم يُذكر أمام من تعرف وتحترم وربما تقدر أيضاً؟!.. وهكذا تكون النصيحة اليوم كيف يمكن أن ننزعج في حياتنا أو نعتبر أنفسنا غير محظوظين إذا كان الذين نعيش معهم في هذه الحياة ونحن نحبهم ونحترمهم هم مثل مساحة البحر بل كل البحار أمام ساقية صغيرة مهملة ومكروهة ومنعزلة في كل هذه الدنيا!.