نقطة ساخنة الزراعة أولاً..
جرت العادة مع أي تغيير وزاري مرتقب، أن يتسابق الزملاء إلى تسطير رؤاهم وتصوّراتهم عن المرحلة الحكومية المقبلة عارضين أولويّات لأجندات وبرامج عمل وملفات على الحكومة الجديدة، للبدء بتنفيذها فوراً وبالسرعة الكلية، ويدعو كل زميل -حسب وجهة نظره– إلى ضرورة البدء بملف ما قبل غيره، مع تأكيد ضرورة المتابعة به من حيث انتهى الآخرون دون الرجوع إلى الوراء.
بعضهم يطرح الملف الصناعي والنهوض بمؤسساته العامة على رأس قائمة البرنامج الحكومي، وبعضهم يعتبر الأولوية للإصلاح الإداري ومكافحة الفساد، وبعضهم الآخر يسلّط الضوء على القطاع الزراعي وأهمية إيجاد آليات وسبل جديدة لدعمه ودفعه إلى الأمام.. إلخ.
اليوم ونحن على أبواب تشكيل حكومي مرتقب، نؤكد أن كل ما وردت الإشارة إليه آنفاً، على قدر كبير من الأهمية وعلى الفريق الوزاري الجديد معالجته وتطويره إلى جانب قضايا وملفات شائكة أخرى.
لكننا نعتقد أن القطاع الزراعي أولى بالزخم من بقية القطاعات، وخاصة في هذه المرحلة بالذات التي تعالت فيها تحذيرات من أزمة غذاء عالمية ستعصف بالعالم أجمع، وبالتالي أصبحت المراهنة الحقيقية تنصبّ على الزراعة الركن الأهم في الاقتصاد الوطني.
مراهنة تتطلب العمل على أعلى المستويات لوضع آليات دعم هذا القطاع، الذي تراجعت نسبة نموّه في الخطة الخمسية الفائتة وإعطائه جرعات غير مسبوقة من الاهتمام الحكومي، وخاصة أن سورية لا تزال بلداً زراعياً بالدرجة الأولى، وبنظر عدد من المراقبين نجاح الزراعة يفضي إلى ازدهار قطاعات أخرى -لعل الصناعة أهمها- وذلك من خلال تطوير الصناعات الغذائية وإحداث أخرى جديدة، ما يؤدي بالضرورة إلى رجاحة كفة الميزان التجاري عبر زيادة الصادرات.
لا يتسع المجال هنا لذكر تحدّيات وملفات تنتظر الحكومة المقبلة، بعضها بحاجة إلى إعادة نظر في تركيبتها وبنيتها، وبعضها الآخر يحتاج إلى معالجة جذرية، ليس أولها مكافحة الفساد، ولا آخرها امتصاص البطالة والقضاء أو الحدّ من الفقر، لكننا نجد أنه من الضروري الإشارة، وبالأصح تأكيد ضرورة التنسيق بين عمل جميع الوزارات بما يخدم الوطن والمواطن، بعيداً عن التخبّط في إصدار القرارات كل على حدة دون الأخذ بعين الاعتبار تأثيرها في غيرها، على مبدأ: كلّ على ليله يغني…!.
الآمال المعقودة على الحكومة المقبلة لا مناص لتجاهلها في مرحلة المتغيرات الدولية والإقليمية، حفاظاً على استقرار الوطن وأمنه ولتأمين مستلزمات وحاجات المواطن، وأخيراً.. وليس آخراً.. أملنا بالحكومة الجديدة أن تعمل وتضع نصب عينيها أن المسؤولية تكليف قبل أن تكون تشريفاً.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com