حتى لا تكون النعمة نقمة!
وائل علي
تشهد الأسواق والحقول منذ شهرين وأكثر وفرة إنتاجية زراعية ملحوظة فاضت بها، وهبطت معها معظم الأسعار بقوة، حتى باتت في متناول مختلف الشرائح الاجتماعية، ووصل الأمر حدّ تلف بعضها لأن الأسواق لم تستوعب وفرته وفائضه لأسباب وأسباب ليست خافية على أحد، لعلّ بعضها يرتبط بالروزنامة الزراعية التي تسمح – في وقت الوفرة – باستيراد الموز اللبناني مثلاً أو البطاطا المصرية والثوم الصيني، في وقت تمكن مزارعو الموز البلدي الجدد من كسر معادلة السعر والنوع والكم إلى حدّ كبير، رغم تضرر مزارعي هذه الزراعة الناشئة الذين فاجؤونا بغزارة وتنوع إنتاجهم من هبوط أسعار الموز، وهذا ما جعله بطبيعة الحال بمتناول الجميع طوال ثلاثة أشهر تقريباً بعد أن سجّل سعره ما فاق السبعين ألف ليرة للكغ، وكذا حال مزارعي البطاطا التي غالباً ما يتزامن وفرة إنتاجها مع غزو البطاطا المصرية السوق المحلية لتغطية الاحتياجات ما أضرّ ويضرّ بالمنتجين وجعل الكثيرين منهم يحجم عن زراعتها.
وينطبق الأمر ذاته على إنتاج الزيتون وزيت الزيتون والثوم والبصل، لكن بشكل مختلف، حيث قام المحتكرون الكبار بـ “التكويش” على كامل إنتاج المحاصيل وقت الذروة بأسعار بخسة لإعادة طرحها خلال أشهر قليلة بأسعار حارقة خارقة ترتبط بالسوق وتقلباته وإبقائه تحت السيطرة والأنظار!.
إن إعادة توليف وجدولة روزنامة التوريد بما لا يتعارض مع ذروة مواسمنا وضمان عدم انقطاع أو غياب أو ندرة حضور تلك المنتجات وسواها في الأسواق أمر غاية في الأهمية وهو في متناول اليد لو أرادوا. وهنا تأتي أهمية أن يأخذ الفريق الاقتصادي ومعه مؤسسات التدخل الإيجابي كالسورية للتجارة ومديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك والمؤسسة العامة للصناعات الغذائية واتحاد وغرف الزراعة واتحاد الفلاحين والجمعيات الفلاحية والانتاجية دورها بتسجيل فاعلية وحضور ومنافسة أكبر، لتكون قادرة على حماية الإنتاج والمنتجين ومحاربة ومقاومة المحتكرين، وإعادة ضبط وتوازن السوق بآن معاً، لأنه من غير المقبول أن تتحوّل نعمة الوفرة إلى نقمة سنحصد جميعاً نتائجها العكسية في كلّ الاتجاهات!