ثقافةصحيفة البعث

“أوركسترا صبا” تجدّد الألحان بهارمونية الألوان

حلب- غالية خوجة

يتلوّن العشق بحالات العاشقين، فتتألق الأبجدية المحبة لغوياً وفنياً وموسيقياً، وضمن هذه الحالة العاشقة، ينتبه المتلقي المصغي بتأمل إلى “أوركسترا صَبا”، وما تقدّمه منذ حضورها في المشهد الثقافي الفني بحلب، بقيادة المايسترو الحداثي شادي نجار، الذي يحرّك الإيقاعات ومدلولاتها بحالات العاشقين للفن الراقي المثقف بهارمونية تُجدّد موسيقاها الشرقية والغربية.

وعن هذا التجديد الذي سيظهر، أيضاً، في الحفل الموسيقي يوم غدٍ الجمعة الساعة السابعة  مساء، المقام في دير الأرض المقدسة- الترسانتبحي الفرقان، برعاية الآباء الفرنسيسكان في حلب، ومنهم الأب سمهر إسحاق رئيس دير الأرض المقدسة، أخبرني المايسترو نجار بأن 90% من المقطوعات الموسيقية والغنائية هي من تأليفه الخاص، بالإضافة إلى حضور الموسيقا الشرقية والغربية.

وتابع: “وتشاركنا فرقة “كامي” للرقص المسرحي بمقطوعتين تحققان الترابط البصري والسمعي، ما يضيف للحفل العديد من الأبعاد المنسجمة، وتماوجاتها المتداخلة مع التفاعل المشترك بين الآلات وأصواتها، والتعابير الصوتية الإنسانية، ولغة الحركة الجسدية.

وعن مقطوعات الحفل ومحورها والسينوغرافيا؟ أجابني: “يتألف الحفل من 13 “تراك” بين موسيقا وغناء، وحرصت على التنوع الإيقاعي، الذي سترافقه خلفية بصرية مناسبة هي عبارة عن شاشة متحركة، تسرد عنوان المقطوعة ومضمونها وحيويتها، مما يساهم في توظيف بُعدٍ آخر للنبض والروح والنفس والمكان، وأضفت للمرة الأولى “نوستالجيا” الحنين إلى الماضي، تلك التي يحبّها الصغار والكبار، واخترت أغنية عشقناها جميعاً، ونذكرها، من أفلام الكرتون “جزيرة الكنز”، التي غنّاها الفنان العربي العالمي سامي كلارك، بينما في حفلنا يغنيها الفنان جورج دايخ، وكذلك، مقطوعة مسلسل “المال والبنون” ألحان ياسر عبد الرحمن، ولعلّ هذه النوستالجيا تستعيد جماليات تلك اللحظة التي عاشها مجتمعنا بمختلف الأعمار، وتساهم في تنشيط الذاكرة والوعي والأزمنة الذاتية وبيئتها لكلّ من يستمع لهذا الحنين حالماً بعودته، أو بإنجاز ما يتلاقى معه من سمات المحبة والطيبة والأمان والفرح.

وأضاف نجار: “وتشارك الفنانة ريم شابو بأربع مقطوعات غنائية “جايه الحب” من كلمات سمير طحان وألحاني، و”حلب بتضللي دهب”، وموشح أندلسي “يا من حوى ورد الرياض”، وترنيمة، متمنياً أن يكون حفلاً يزيد من الأمل والرجاء لأننا مقدمون على مرحلة جديدة وفرح جديد، ونأمل أن ننشر الفرح، لأن نشر الفرح يعزّز الرجاء بالغد الأجمل، ولذلك، تنتشر الموسيقا في الهواء الطلق في هذا المكان”.

وعن مشاركتها والمكان، أخبرتنا الفنانة الشابة ريم شابو، 30 عاماً، خريجة أدب إنكليزي، بأن كلّ مقطوعة من المقطوعات التي تقدمها لها مجالها وروحها وبعدها الإنساني والوطني، مضيفةً: “الغناء في باحة الأرض المقدسة كمكان مفتوح، تصعب المهمّة من ناحية الصوت، لكن الشعور يصبح أجمل وأروع وينطلق المغنى والمعنى بشكل أوسع، خصوصاً، عندما يكون الغناء أمام شعب حلب -السميعة والذواق-، وهذا تحدّ بحد ذاته للمغني والطرب”.

وعن الموسيقا وعلائقها بينها وذاتها، بيّنت أنها جزء من روحها، فمنذ وعت وهي تغني، ووالدها كابي شابو أستاذ موسيقا، وهذا ما أثّر عليها، لأن روح الموسيقا، دائماً، موجودة في البيت، وتعيش معهم، غربية، شرقية، قديمة، النمط الحديث، بالإضافة إلى كونها منذ 8 سنوات من كورال المايسترو شادي نجار، جوقة القديسة تيريزيا- أوركسترا صَبا، وتشارك بكورال مار أفرام للسريان الأرثوذكس، ولها مشاركات عديدة، منها قيثارة الروح عام 2010، وشارة لبرنامج “أنت التغيير” لقناة معجزة المصرية، ومؤكدةً: “الموسيقا كما هو معروف لغة العالم، وتحتمل تعابير الجميع في الحزن والسعادة والتأمل والشوق والغضب بـ”نوتات” معينة”.

بينما أخبرنا الفنان الشاب جورج دايخ بأنه مجرد هاوٍ وعاشق للفن الراقي الذي يهذّب النفس بشكل عام، وأضاف: “مسيرة العشق بدأت منذ المرحلة الابتدائية، واشتراكي بجوقات كنسية، والتزامي بالأناشيد الروحية والتراتيل، وأعشق الألحان الصوفية، والموسيقا الكلاسيكية، الأوبرا، الجاز، وهناك أشخاص ساعدوني لأحب الموسيقا عبْر الحياة، وتبلورت ثقافتي الموسيقية من خلال مشاركتي مع جوقة القديسة تيريزيا، مدة 6 سنوات، أثناء دراستي الجامعية، وتعلّمت خلالها كيف أؤدي بأربعة أصوات مختلفة، منسجمة، متناغمة على طريقة الأداء الهارموني، وتابعت مع جوقة ناريكاتسي بقيادة المايسترو الراحل الأب يغيشه الياس جانجي، وحالياً عضو بجوقة آربا بقيادة المايسترو جميل البيطار، وشاركنا بحفلات عدّة في حلب ودمشق وغيرهما، ولي شرف المشاركة مع أوركسترا صبا بقيادة المايسترو شادي نجار، المحبة لزراعة الفرح والأمل في حلب المدينة التي لا ولن تموت، وأن أؤدي أغنية سامي كلارك، خصوصاً وأن صوته المميز لا يتكرر”.

وعن تأثير الموسيقا، أجاب: “بصراحة، كلّ الظروف التي عشناها، لم نكن لنتجاوزها لولا الفنون، خصوصاً، الموسيقا، لذلك، بصفتي مدرّساً للفيزياء والكيمياء، أحاول تفعيل دور الموسيقا في المدرسة، وأن تكون أكاديمية قدر الإمكان، ليتخرج جيل واعٍ، لأن الموسيقا تنقلنا من العنف والحرب إلى السلام والحب”.