دراساتصحيفة البعث

ما موقف اليمين الأوروبي من حق اللجوء

سمر سامي السمارة

اجتمعت قرابة الـ100 منظمة لحقوق الإنسان مؤخراً، للتأكيد أنه يتعيّن على أعضاء الاتحاد الأوروبي “ضمان الحق في طلب اللجوء والتمتع به والوفاء بالتزاماتهم تجاه النظام الدولي لحماية اللاجئين”.

وجاء البيان المشترك الصادر عن مجموعات تتضمّن منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، وأوكسفام، في الوقت الذي يستعدّ فيه أعضاء البرلمان الأوروبي لعقد الجلسة العامة المقرّرة في 16 تموز، وهو الاجتماع الأول المقرّر منذ انتخابات الكتلة في حزيران، التي أسفرت عن فوز حزب اليمين المتطرّف “وطنيون من أجل أوروبا” ليصبح ثالث أكبر تحالف في الهيئة التشريعية.

شدّد ائتلاف حقوق الإنسان على الالتزامات بموجب المادة 18 من ميثاق الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان، معرباً عن قلقه بشأن “المحاولات الأخيرة والمتزايدة التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء للتنصل من مسؤولياتها المتعلقة باللجوء من خلال الاستعانة بمصادر خارجية لمعالجة طلبات اللجوء وحماية اللاجئين مما يهدّد بتقويض نظام الحماية الدولي”.

وحسب الائتلاف، تسعى إيطاليا، على سبيل المثال، حالياً إلى معالجة طلبات اللجوء لمجموعات معينة من طالبي اللجوء خارج أراضيها، وإرجاء خطة معالجة هذه الطلبات في ألبانيا، الأمر الذي قد يؤدّي إلى احتجاز تلقائي لفترات طويلة، والحرمان من إمكانية الوصول إلى إجراءات اللجوء المنصفة مع الضمانات الإجرائية اللازمة، وتأخير استلام الأشخاص الذين تم إنقاذهم أو اعتراضهم في البحر.

وتقوم بلدان أخرى، مثل الدانمارك وألمانيا، بتقييم الجدوى التي ينطوي عليها هذا النوع من الإجراءات، فقد أيّدت خمس عشرة دولة من الدول الأعضاء وبعض الجماعات السياسية، التدابير المماثلة القصيرة النظر لنقل معالجة طلبات اللجوء خارج الاتحاد الأوروبي، وشجّعت المفوضية الأوروبية على استكشاف السبل لتسهيل ذلك من خلال المزيد من الإصلاح التشريعي، بما في ذلك تخفيف مفهوم “الدولة الثالثة الآمنة”.

ويضيف بيان الائتلاف: لا بدّ من النظر إلى هذه المحاولات في سياق جهود الاحتواء الموازية التي تسعى إلى وقف عمليات المغادرة ومنع وصول طالبي اللجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي، من خلال اتفاقيات الشراكة مع دول ثالثة، مع إيلاء القليل من الاهتمام أو عدم الاهتمام بسجلات حقوق الإنسان لتلك السلطات.

وأكد التقرير أنه “في الوقت الذي يظهر السجل الواسع لانتهاكات حقوق الإنسان في الدول الشريكة، فإن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء ليس لديهم الأدوات والكفاءات الكافية لمراقبة معايير حقوق الإنسان أو تطبيقها بشكل فعّال خارج أراضي الاتحاد الأوروبي”.

في السياق نفسه، يعرض تقرير نشرته منظمة أطباء بلا حدود في تشرين الثاني قصصاً عن العنف الذي تعرّض له المهاجرون في دول من شمال إفريقيا أثناء محاولتهم الوصول إلى الاتحاد الأوروبي، كما يشير إلى أن عام 2023 كان العام الأكثر دموية للهجرة في وسط البحر الأبيض المتوسط منذ عام 2017، ويرجع ذلك جزئياً إلى فشل دول الاتحاد الأوروبي في مساعدة المهاجرين المعرّضين لخطر الغرق.

ودقّ تقرير الائتلاف ناقوس الخطر بشأن السياسات والممارسات التي يتبعها الاتحاد الأوروبي الحالي، مستشهداً بأمثلة مثل مخطط استراليا لاحتجاز المهاجرين في الخارج، الذي “يوضح كيف أدّت هذه النماذج إلى حبس طويل الأمد وتقييد حرية الحركة، ما تسبّب بضرر شديد بالصحة العقلية والجسدية للأشخاص الذين يبحثون عن الحماية”.

في السياق، أشارت المنظمات أيضاً إلى خطة اللجوء التي حاولت المملكة المتحدة تنفيذها، والتي تقضي بإرسال المهاجرين غير النظاميين إلى رواندا، وتقديم طلبات لجوئهم من هناك، ويشير التقرير إلى أنها “لم تدخل حيز التنفيذ بعد أن أعلنت المحكمة العليا في المملكة المتحدة أنها غير قانونية ومن غير المرجح على أي حال أن يتم تفعيلها على أي نطاق كبير”.

كان من المتوقع أن تكلّف محاولة المملكة المتحدة الفاشلة لنقل الأشخاص قسراً إلى الدولة الإفريقية 1.8 مليون جنيه إسترليني لكل طالب لجوء يُعاد، وهو ما يعادل 2.13 مليون يورو أو 2.3 مليون دولار. ووصف الائتلاف مثل هذه المخططات بأنها “ليست فقط إهداراً غير مبرر للمال العام، ولكنها أيضاً فرصة ضائعة لإنفاقها بطرق من شأنها أن تساعد حقاً الأشخاص الذين يطلبون اللجوء من خلال الاستثمار في أنظمة اللجوء العادلة والإنسانية والمجتمعات التي ترحّب بهم”.

من جهتها، قالت ممثلة الاتحاد الأوروبي في منظمة العفو الدولية، المدافعة عن الهجرة واللجوء في بيان صدر مؤخراً: إن “محاولات الدول إسناد مسؤولياتها المتعلقة باللجوء إلى دول أخرى ليست جديدة، ولكنها تعرّضت للانتقاد والإدانة والرفض منذ فترة طويلة لسبب وجيه، فكما ينهار المخطط بين المملكة المتحدة ورواندا، يجب على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه الانتباه، والتوقف عن تقديم الوعود الكاذبة، وإهدار الوقت والمال على مقترحات باهظة الثمن وغير إنسانية وغير قابلة للتنفيذ”، وأضافت: “مع بدء هذه الدورة التشريعية، يتعيّن على الاتحاد الأوروبي أن يفعل ما هو أفضل من التخلي عن التزامه بالنظام العالمي لحماية اللاجئين”.

ومن المقرر أن يُعقد الاجتماع في الأيام القليلة القادمة، في أعقاب ميثاق الهجرة واللجوء الذي أقرّه البرلمان الأوروبي في نيسان واعتمده مجلس الاتحاد الأوروبي في أيار، كما أوضح الائتلاف أن “منظمات المجتمع المدني كانت واضحة بشأن مخاوفها الجدية” فيما يتعلق بالإصلاحات، في حين أوضح أيضاً أن “نقل طالبي اللجوء إلى مراكز خارج أراضي الاتحاد الأوروبي لمعالجة طلبات اللجوء وحماية اللاجئين غير منصوص عليه في الميثاق، ولا في قانون الاتحاد الأوروبي الحالي”.

وخلص الائتلاف إلى القول: إن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء بعد أن أمضوا قرابة عقد من الزمن في محاولة إصلاح نظام اللجوء في الاتحاد الأوروبي، يتعيّن عليهم الآن التركيز على تنفيذه من خلال نهج يركز على حقوق الإنسان ويعطي الأولوية للحق في اللجوء وفقاً لقانون الاتحاد الأوروبي والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وأضاف: “لا ينبغي لهم، بعد أسابيع فقط من إقرار الإصلاح، أن يهدروا المزيد من الوقت والموارد على مقترحات تتعارض مع القانون الأوروبي والدولي”.