مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات يدعو لتعزيز آليات العمل المشترك واعتماد مبدأ التكامل في العمل الأمني
بغداد- سانا
أكد المشاركون في مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات ضرورة تعزيز آليات العمل المشترك واعتماد مبدأ التكامل في العمل الأمني من أجل قطع طرق تهريب المخدرات ومنع زراعتها وتصنيعها بمختلف أشكالها ومتابعة العصابات التي تنشط في هذا المجال وتفكيكها والقضاء عليها.
وفي بيان ختامي بنهاية المؤتمر الذي عقد في بغداد اليوم بمشاركة وفود سورية والسعودية ولبنان والأردن والكويت ومصر وإيران وتركيا شدد المشاركون على أهمية تحديث قواعد البيانات الخاصة بالمجرمين والمطلوبين بقضايا الاتجار بالمخدرات لدى الدول المشاركة وحمايتها من الاختراق للاستفادة منها في عمليات التعقب والضبط لهذا النوع من الجرائم.
ولفت المشاركون إلى أهمية اعتماد الأساليب العلمية والتقنيات الحديثة وإجراء عمليات التحقيق المالي الموازي والاستفادة من التكنولوجيا في عمليات الكشف والتعقب والرصد وضبط المبرزات الجرمية، بما يضمن سوق المجرمين إلى القضاء، مع تكثيف جهود الرقابة والرصد والتتبع للمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي التي تنشط في مجال الترويج والمتاجرة بالمخدرات.
وأوصى المشاركون بتفعيل وتنشيط آليات الوقاية ومنع الانجراف نحو التعاطي أو الإدمان وتشديد العقوبات الخاصة بالمخدرات ودراسة إمكانية التوسع في إنشاء مراكز تأهيل مدمني ومتعاطي المخدرات وتبادل الخبرات والتجارب للنهوض بكفاءة الأداء فيها.
وأكد المشاركون على استمرار العمل لتنفيذ مقررات الاجتماع الرباعي لوزراء داخلية العراق والأردن وسورية ولبنان المنعقد في شباط 2024 من قبل الدول المذكورة آنفاً، واستمرار العمل لتنفيذ توصيات مؤتمر بغداد الدولي الأول لمكافحة المخدرات المنعقد في شهر أيار 2023.
وكان وزراء داخلية الدول المذكورة وبينهم وزير الداخلية اللواء محمد الرحمون بحثوا في وقت سابق اليوم ظاهرة تعاطي المخدرات والإدمان عليها إقليمياً ودولياً، وسبل التصدي لها وإيجاد آليات مستحدثة لهذا التصدي بما يخلق حالة من التكامل تؤدي بالنتيجة إلى القضاء على هذه الآفة الخطيرة.
هذا و أكد الرحمون أن سورية تضطلع بدور فعال في مجال مكافحة ترويج وتهريب المخدرات، مشدداً على أهمية التعاون بين دول المنطقة في ظل انتشار الجماعات الإرهابية على الحدود وتنفيذها عمليات تهريب للمخدرات والاتجار بها كإحدى أدوات التمويل لها.
وقال اللواء الرحمون في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات: “إن سورية وانطلاقاً من مسؤوليتها القومية والوطنية والإنسانية، كانت ولا تزال تقوم بدور مهم وبارز في دعم جهود المجتمع الدولي لمكافحة الجريمة عموماً وجريمة الاتجار بالمخدرات خصوصاً، وهي ملتزمة بكل ما يفرضه التعاون المثمر مع الجهود الدولية والإقليمية في مكافحة آفة المخدرات”، لافتاً إلى أن مشاركة سورية في هذا المؤتمر تشكل تأكيداً على التزامها الفعال في مواجهة هذه الآفة الخطيرة والهدامة على صعيد الفرد والمجتمع.
وعرض وزير الداخلية عدداً من نتائج جهود التعاون والتنسيق مع دول الجوار وخاصة العراق والأردن بعد مؤتمر بغداد الدولي الأول العام الماضي والاجتماع الرباعي في عمان في شباط من العام الجاري والتي أسفرت خلال الشهرين الماضيين عن إلقاء القبض على بعض أفراد الشبكات العاملة في مجال تهريب المواد المخدرة والاتجار بها وإجراء التحقيقات المشتركة وتبادل المعلومات بشأنها.
وأعرب الوزير الرحمون عن أمل وسعي سورية بأن يصبح التعاون والتنسيق على مستوى دول المنطقة كلها، ولا سيما أن القناعة والإرادة موجودتان لدى الجميع، فالمسار الطبيعي هو التعاون وتعزيز التنسيق.
ولفت اللواء الرحمون إلى أن جهود المكافحة العملياتية المبذولة القائمة في سورية تستند لنهج تشريعي متشدد حيال جرائم الاتجار غير المشروع بالمواد المخدرة ومهربيها ومروجيها، وتشكل نهجاً إنسانياً حيال المتعاطين بوصفهم مرضى بحاجة للمساعدة والعلاج.
وقال اللواء الرحمون: إن وزارة الداخلية السورية أولت وحدات المكافحة اهتماماً وعناية فائقين فوفرت لها البنية التحتية ضمن الإمكانيات المتوفرة والمتاحة ورغم تأثر هذه الجهود سلباً بسبب الحرب والحصار الجائر المفروضين على سورية من جهة، وعدم توفر الدعم الفني والتقني اللازم لتنفيذها من جهة أخرى، إلا أن هذه الجهود أثمرت عن إحباط العديد من عمليات تهريب المواد المخدرة وإلقاء القبض على أعضاء الشبكات العاملة بها ومصادرة ما بحوزتهم من المواد المخدرة.
وشدد الرحمون على أن الغالبية العظمى من الكميات الكبيرة المضبوطة تم ضبطها في مناطق حدودية ضمن مخابئ سرية ومعدة للشحن عبر الأراضي السورية كما أن هذه الجهود لا تقتصر على وحدات مكافحة المخدرات التابعة لوزارة الداخلية بل تتصدى لهذه الظاهرة جهات مختصة أخرى ولا سيما حرس الحدود وقد تمكنت أيضاً من إحباط العديد من محاولات التهريب عبر الحدود وإلقاء القبض على أفراد تلك العصابات.
وجدد الرحمون التأكيد على التزام سورية الفعال وتعاونها في مواجهة جرائم تهريب المخدرات وانفتاحها على التنسيق والتعاون مع الجميع في سبيل ذلك وتبادل المعلومات والخبرات والمساعدة القانونية والتقنية لمكافحة هذه الآفة ومنع انتشارها.
وكانت انطلقت أعمال مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات، بمشاركة وزراء داخلية دول جوار العراق، بينهم اللواء الرحمون.
وفي كلمة له في افتتاح المؤتمر، أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن الحكومة العراقية شرعت بإجراءات لتفكيك عصابات المخدرات، مشيراً إلى جاهزية العراق للتنسيق المشترك مع دول الجوار، مشدّداً على أهمية رفع مستوى التنسيق والتعاون المشترك في مواجهة آفة المخدرات الفتاكة بالمجتمعات والاقتصاد، فضلاً عن تأثيراتها على استقرار المنطقة بأسرها، مشيراً إلى أن العراق يضع خبراته وإمكاناته الاستخبارية في مجال مكافحة الإرهاب برسم هذا التعاون البنّاء.
وأوضح السوداني أن مكافحة المخدرات مسؤولية تتحملها الدولة بكل أجهزتِها كما تتحملها مُجتمعاتنا، مبيناً أن المخدرات والمؤثرات العقلية عامل أساسي من عوامل عدم الاستقرار في المنطقة، وتهديدها لا يقتصر على الضرر الذي تستهدف به الشباب، بل إن المستقبل بمجمله يقع في دائرة الأخطار، لافتاً إلى أن المخدرات استخدمت في تجنيد الإرهابيين من أجل خلق منطقة غير آمنة ووقف التنمية فيها وإضعاف الأوطان، ومشيراً إلى أن فعل المخدرات لا يختلف في نتائجه عن الحروب والتهجير ومحاولة اقتلاع الشعوب من أسسها بالضبط مثلما يهدف العُدوان الاسرائيلي المتواصل على غزّة وشعبنا الفلسطيني.
ودعا السوداني إلى توحيدِ الجهود وتعزيزِ التنسيقِ المُشترك من أجل أن تكونَ مجتمعاتنا خالية من هذا المرض الاجتماعي المُصطنع، معرباً في الوقت ذاته عن دعم بلاده لكل جهد يستهدفُ القضاءَ على بؤرِ سمومِ المخدراتِ ومحطاتِ تصنيعِها ويقطع سلاسلَها ويقدم مروجيها للعدالة لأنها جريمة عابرة للحدود.
بدوره قال وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري في كلمته: إن خطر المخدرات يتزايد بقوة، ونحتاج إلى وثيقة دولية لتطويق هذه الآفة، مشدداً على ضرورة التعاون والتنسيق للوقوف بوجه خطر المخدرات.
وبين الشمري أنه من دون تعاون مثمر سيستمر تهديد المخدرات، لافتاً إلى أن وزارة الداخلية العراقية شرعت بإجراءات عديدة وخطط مدروسة لمطاردة تجار المخدرات، وأطاحت بكبار تجارها، وموضحاً أنه تم إبرام مذكرات تفاهم مع دول عديدة لمواجهة ظاهرة المخدرات.
وكان الشمري التقى الليلة الماضية الوزير الرحمون وبحث معه المسائل ذات الاهتمام المشترك بين سورية والعراق.