“يوم عادي في حياة عرفان”.. سيرة كل فلسطيني عاش التشرد
أمينة عباس
بتزامن صدورها مع زيارته الحالية لسورية، حرص الكاتب والناقد يوسف حطيني بالتعاون مع فرع دمشق لاتحاد الكتّاب العرب على الاحتفاء بروايته الجديدة “يوم عادي في حياة عرفان” الصادرة عن دار دلمون الجديدة من خلال عقد ندوة أشرف عليها الدكتور إبراهيم زعرور رئيس الفرع، وأدارها الكاتب أيمن الحسن وشارك فيها الدكتور حسن حميد والدكتورة آداب عبد الهادي، وبيّن حطيني أن الرواية: “تستفيد كثيراً من سيرته الذاتية وتتقاطع مع سيرة كلّ فلسطيني، وتشبه مسار شعب عاش التشرد والنفي ومشاكل الجوازات، وأن “اليوم العادي” في حياة عرفان لم يكن عادياً بل كان مليئاً بالمشكلات والأفكار والذكريات، فكان يوماً استثنائياً تضمن حكايات تتحدث كلها عن أشخاص يريدون العودة إلى وطنهم”.
وتقول مديرة دار دلمون الجديدة عفراء هدبا: “كان من دواعي سرورنا في دار دلمون أن نقدّم لقرائنا هذه الرواية لتشكل قيمة مضافة إلى ما أنجزناه من مشاريع ثقافية تمثلت بأنشطة وفعاليات وإصدارات كنا نستهدف فيها النوع لا الكمّ، ونتطلع إلى مقاربة المرحلة والواقع الذي تمرّ به منطقتنا، وما أفرزه من أحداث وتداعيات أرخت بظلالها على طبيعة منشوراتنا، لنؤكد التزامنا باستقطاب المبدعين أصحاب الأقلام الحرة والفكر النزيه المنحاز إلى القضايا الوطنية والإنسانية الكبرى، من هنا كان احتفاؤنا بإصدار الرواية في تعاوننا الأول مع حطيني، آملين أن يتعزّز مستقبلاً ويطرح ثماره الفكرية والإبداعية المكللة بتوقيعه والموثقة باسمه، كأحد أعلام الثقافة المعاصرة والمتنوعة في اتجاهاتها الفكرية ومدارسها الفنية والتي تلبي متطلبات المرحلة وتعطّش القارئ العربي إلى ما يثري فكره، ويحصّن عقله أمام موجات التغريب والغزو الثقافي دفاعاً عن الهوية وأصالة الانتماء، فحطيني بسعة علمه وتنوع ثقافته أحد حراس القضية وفرسان المرحلة الذين يعول عليهم في تحصين الأجيال والذود عن الوطن السليب والتوثيق لقصص البطولة والفداء والانتصار للمقاومة في حربها الشعواء ضد عدو الأرض والإنسان”.
ويبدأ الكاتب أيمن الحسن كلامه بتوجيه التحية إلى حطيني الذي يحمل الوفاء لبلده الثاني سورية، ويحرص دوماً على إطلاع الجمهور السوري على نتاجه الأدبي: “إنَّ الرواية تعبّر عن رؤية حطيني لحالة اغتراب وشتات يعيشه الفلسطيني، وهي ليست الأولى له في هذا الصدد، وهو في كلّ كتاباته يقدم رؤية، وهو ما يجب أن تكون عليه الكتابات الأدبية”.
وأطلت الدكتورة آداب عبد الهادي من خلال مشاركتها على مضمون الرواية التي شكلت ضغطاً نفسياً كبيراً لها: “الرواية تتحدث عمّا يعتمل داخل كل فلسطيني خارج الأراضي المحتلة، مع حالة احتضاره التي جعلته يستذكر ويسترجع كلّ حياته كفلسطيني حرم من بلده وعانى ما عاناه من دون أن تكون الرواية يوماً عادياً في حياة عرفان الفلسطيني الذي استعاد خلاله وكان فيه يحتضر كلّ ما حدث له في حياته، فكانت رواية حزينة لأنه كان يحمل الكثير من الهموم الفلسطينية التي طرحها مثل الضياع، وقضية الهوية والأوطان، والاغتراب، والحرية، والمرأة”.
أما الدكتور حسن حميد فما زال يتابع بشغف ما يكتبه حطيني، ويقول: “تابعت حطيني منذ نصوصه الشعرية الأولى وفرحت به وبها، لأنها كانت دالة على شغفه وهويته، وفيها تربخ أحزان الفلسطينيين مثلما تريخ فيها أحلامهم أيضاً، ورأيت سلوكه المحتشد بالتعب الجميل لكتابة قصيدة، لكن الأمر الأكثر أهمية عندي في سلوكه هو ذلك الحياء المعرفي والبعد عن الادّعاء والتطلع إلى الاستعلاء، وعلى الرغم من شواغل حطيني الأدبية في النقد والرواية والقصة يظلّ في بالي الشاعر الذي أحببت موضوعات قصائده، أما عن روايته “يوم عادي في حياة عرفان” فوقفت عند ثنائيات مشتركة في أزمنتها وموضوعاتها، والتفاتاتها، ودرت في دوائرها التي راحت تنفتح الواحدة منها على الأخرى كغربة المكان، والعزلة عن الآخرين، والحنين إلى مخيم اليرموك الذي عاش فيه عرفان حياة الطفولة كلها، وحياة الشباب والتكوين والأحلام والمعاناة وهو الكائن المكاني الذي نحتته فجيعة النكبة كمكان طارئ ستر المواجع والهموم والذي عاد إليه عرفان أثناء احتضاره لتنسل منه كل الذكريات التي ارتبطت به، كما حضرت قصص بلدة حطين وحكايات أهلها، من هنا لم تكن هذه السردية ليوم فيزيائي واحد ومحدود لهذا الفلسطيني المسمّى عرفان سوى سردية لحياة يوسف حطيني التي عاشها في المنفى صوراً وسلوكيات وأفعالاً وذاكرة تكاد تكون لها البطولة المطلقة، كما أنها ليست سوى حياة الآخرين الذين يقاسمونه صور الحياة المتشابهة في أحزانها وأشواقها”.