الصين راعي السلام الأول في العالم
هيفاء علي
قدّمت الصين مساهمة جديدة مهمّة للسلام والاستقرار في عالم مضطرب، حيث توصل أربعة عشر فصيلاً فلسطينياً، وبدعم رئيسي من الصين، إلى إعلان تاريخي لصالح المصالحة الوطنية في بكين.
ووفقاً للخبراء، تعدّ هذه إحدى الخطوات الرئيسية التي ستمكن الشعب الفلسطيني من تحقيق هدفه المتمثل في إقامة دولته المستقلة.
لقد أصبحت الصين مقصداً لمختلف الدول التي تعاني من الفوضى والحروب حول العالم وتبحث عن حلول سلمية، وتثبتُ الأحداث الأخيرة والقادمة بشأن القضية الفلسطينية أن الصين، التي دافعت دائماً عن موقفها المؤيد للسلام، لا تكتفي بالكلمات الرقيقة، بل تتخذ إجراءات ملموسة للمساهمة في التسويات السياسية، على الرغم من التحالفات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة، مثل حلف شمال الأطلسي، في إضافة الشكوك والعقبات.
وأشار المراقبون إلى أن الصين ستواصل جهودها لتحقيق نتائج عمليات السلام في مختلف مناطق العالم.
وقد شدّد الرئيس الصيني في كلمته أثناء توقيع الاتفاق على أنه فقط عندما تتحدث الفصائل الفلسطينية بصوت واحد يمكن أن يكون صوت العدالة عالياً وواضحاً، وفقط عندما يتكاتفون ويتقدّمون جنباً إلى جنب يمكنهم النجاح في قضية التحرير الوطني.
من جهته، قال ما شياو لين، عميد معهد دراسات حوض البحر الأبيض المتوسط بجامعة تشجيانغ للدراسات الدولية، لصحيفة غلوبال تايمز، إن البيان تاريخي بامتياز ومهمّ وغير مسبوق لعدة أسباب:
- أولاً في الماضي، كان حوار المصالحة الذي نظمته القوى الإقليمية الكبرى في الشرق الأوسط يضمّ فتح وحماس فقط، لكن هذه المرة جمعت الصين ممثلين عن 14 فصيلاً، مما يعني أن الإعلان هو الأكثر شمولاً وشرعية، وأنه مقبول لدى جميع الفصائل السياسية الرئيسية في فلسطين.
- ثانياً، لم تعد عملية المصالحة الفلسطينية مجرد شأن إقليمي، بل أصبحت قضية عالمية تتعلّق بالسلام الدولي تحت إشراف المجتمع الدولي، ولذلك، فإن الإعلان ليس وثيقة بسيطة، بل هو خارطة طريق قابلة للتحقيق بدعم وإشراف المجتمع الدولي، وليس فقط الدول الكبرى في المنطقة، ولكن أيضاً الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.
- ثالثاً، توضيح أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني بأكمله، يعني أن جميع الفصائل الأخرى، بما في ذلك حماس وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، يجب أن تنضمّ إلى منظمة التحرير الفلسطينية أو تتحد معها، حتى تتمكّن فلسطين من إجراء انتخابات واتفاقات جديدة. مضيفاً أن العالم الخارجي هو دولة موحدة، وهو أمر مهمّ لمستقبل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
وقال وانغ في الحفل الختامي إنه “للمساعدة في حلّ الصراع الحالي والوضع الصعب، تقترح الصين مبادرة من ثلاث خطوات: الخطوة الأولى هي تحقيق حلّ شامل ودائم وقابل للحياة في قطاع غزة في أقرب وقت ممكن، وضمان الوصول إلى المساعدات الإنسانية والإغاثة على الأرض. والخطوة الثانية هي بذل جهود مشتركة لضمان حكم غزة بعد الصراع، وفقاً لمبدأ “الفلسطينيون يحكمون فلسطين”، واعتبار غزة جزءاً لا يتجزأ من فلسطين. والخطوة الثالثة هي مساعدة فلسطين على أن تصبح دولة عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة وتنفيذ حلّ الدولتين.
وفي معرض التعليق على هذا الحدث المهمّ، أكد معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية أن بيان بكين يجلب الأمل للسلام في غزة. فمنذ منذ بدء العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة، تكبّد السكان خسائر بشرية ومادية باهظة، وكانت مساعدات المجتمع الدولي محدودة لإنهاء الكارثة، ويمكن للمصالحة داخل فلسطين الآن أن تضع الأساس لمفاوضات سلام فعّالة.
وأضاف: أما حان الوقت “لإسرائيل” والولايات المتحدة للتفكير في كيفية التعامل مع فلسطين ككل، بدلاً من التعامل مع الفصائل الفلسطينية المختلفة بشكل منفصل، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تعيش في قبضة الاضطرابات الداخلية بعد انسحاب الرئيس الأمريكي جو بايدن من السباق الرئاسي، ومحاولة اغتيال للمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب.
إن المجتمع الدولي، بما في ذلك منافسو الولايات المتحدة وحلفاؤها، يشعر بقلق بالغ إزاء التحوّل المحتمل في الإستراتيجية الخارجية للولايات المتحدة، ولسوء الحظ، لا تزال الولايات المتحدة تحاول خلق مواجهات جماعية في جميع أنحاء العالم. وإلى جانب الآمال في تحقيق السلام لفلسطين، توقع مراقبون أن تؤدي زيارة الدبلوماسي الأوكراني إلى الصين إلى تقدّم جديد يمكن أن يسهم في التوصل إلى حلّ سلميّ للأزمة الأوكرانية، بعدما حققت الفصائل الفلسطينية أهدافها في بكين. كما أشاروا إلى أن الصين نجحت بالفعل في استعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران السعودية، وأعربوا عن اعتقادهم بأن الصين ستواصل لعب دور مهمّ في استعادة السلام والاستقرار في عالم يقع في قبضة الاضطرابات.