المرشحة هاريس في مواجهة ترامب
تقرير- ريا خوري
بعد إعلان الرئيس جو بايدن انسحابه من الانتخابات الرئاسية وترشيح نائبته في الحزب الديمقراطي كامالا هاريس في مواجهة الرئيس السابق دونالد ترامب، لا ينبغي لأحد التقليل من شأن ترشيحها، إذ إنَّ الكثير من الخطط الانتخابية تغيّرت بشكلٍ واضحٍ على المستويين التكتيكي والاستراتيجي للحزبين الديمقراطي والجمهوري معاً، على نحوٍ قد يقلب الأوضاع في هذا الإطار رأساً على عقب.
ظهرت أولى بوادر هذا التغيير في حالة القلق وعدم التوازن الذي بات يبديه الجمهوريون ومرشحهم ترامب، الذي على الرغم من تصريحاته النارية بأنّه سيهزم المرشحة هاريس بسهولة أكثر من بايدن، إلّا أنَّ المرشح الجمهوري بدأ يعيد حساباته وإستراتيجية حملته الانتخابية من جديد بشكل شبه جذريّ. ذلك أنّ الكثير من نقاط القوة التي كان يستند إليها في مواجهة بايدن سقطت نهائياً، بل انقلبت ضده بصورةٍ غير متوقعة، فلم يعد التركيز على عامل السن والصحة الذهنية والعقلية واللياقة البدنية للرئيس بايدن جزءاً مهماً من حملته الانتخابية، وتحوَّل هذا العامل إلى إحدى نقاط ضعفه في مواجهة مرشحة ديمقراطية تصغره بحوالي عقدين من الزمن.
وبالتالي فقد عادت الأمور من جديد إلى محاولة إقناع الناخبين الأمريكيين بالخطوط العريضة لبرنامجي الحزبين الجمهوري والديمقراطي، المختلفين أصلاً حول معظم القضايا الجوهرية التي تخصّ مستقبل الولايات المتحدة، على صعيد الاقتصاد والهجرة، والحريات الداخلية، والقضايا الداخلية المتعلقة بالإجهاض، وصولاً إلى الاختلاف الكبير بينهما في السياسات الخارجية، ورؤية كلا الحزبين لمستقبل الولايات المتحدة الإستراتيجية والدولية.
هذا السباق الانتخابي أخذ منحى مختلفاً بين هاريس المدّعية العامة التي تمثّل (سيادة القانون الأمريكي) ومرشح مرتكب لجرائم سياسية وجنائية ومتهم بعشرات القضايا التي لا تزال المحاكم تتدارس أسباب جرائمه ونتائجها السلبية على الولايات المتحدة وشعبها، والتي يمكن أن يُحاكم بسببها، ناهيك عن تصريحاته النارية اللاذعة وزلات لسانه التي تُظهر من الآن ميوله الاستبدادية القهرية، وأنّه سيكون أحد طغاة الولايات المتحدة، لكنه يعني أيضاً أنَّ الكثير من الفجوات الناجمة عن ضعف المرشّح السابق الرئيس جو بايدن، وانقسام الديمقراطيين حوله قد تمّ ردمها ومعالجتها بشكلٍ فوري وسريع، وأن على ترامب أن يقلق من امرأة يُرجَّح أن تحظى بدعم الكتلة النسائية الأكبر في الولايات المتحدة، وقادرة على مواجهته في أي مناظرة محتملة، والردّ الفوري والسريع على الأسئلة وتفنيد مزاعمه بما تتمتّع به من دهاء وقوة ذكاء وثقافة واسعة وموهبة وخبرة.
لهذا السبب نجد أن الرئيس السابق ترامب قد تهرَّب من أوَّل محاولة لترتيب مناظرة علنية أمام الجمهور والشاشات بينهما، وبدلاً من ذلك عاد للحديث من جديد عن إمكانية اندلاع حرب داخلية لا حدود لها إذا خسر الجمهوريون الانتخابات القادمة. ولكن بالنظر إلى واقع الانقسام الأمريكي الداخلي الحاد، فإنّ المؤكد الآن، هو أنّ السباق الرئاسي سيشتعل خلال الأشهر القليلة القادمة المتبقية، ولن تحسمه إلا صناديق الاقتراع في الخامس من شهر تشرين الثاني القادم.