ثقافة

“الأم السورية شمس لا تغيب” ديكودراما على لسان أمّهات الشّهداء

أمينة عباس

لم يكن هناك يوم أكثر أهمية من يوم عيد الجيش العربي السوري لكي تعرض المؤسسة العامة للسينما فيلم الديكودراما “الأم السورية شمس لا تغيب” سيناريو وإخراج عوض القدرو في دار الأسد للثقافة والفنون لتخليد الشهداء وتكريمهم وتكريم أمهاتهم اللواتي ضحين بفلذات أكبادهن، واللواتي وثّقن ما حدث لأبنائهن الذين عاشوا الحصار من قبل الإرهابيين.

وقد استعاد الحضور من خلال الفيلم الأحداث المؤلمة للحرب التي شُنّت على سورية وتجلّت بما حدث في كلية المشاة ومشفى الكندي بحلب، والتي سطّر فيها الجيش بطولات وتضحيات سيخلدها التاريخ خلّفت وراءها حكايات لأمهات فقدن أعزّ ما يملكن، أبطال قدموا دماءهم فداء للوطن سورية. تقول وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح: “وثقت الأمهات في الفيلم ما حدث لأبنائهن الذين عاشوا الحصار من قبل الإرهابيين، وهي فترة عصيبة عشناها جميعاً، ولكن لا يمكن أن نتخيّل ما عاناه هؤلاء الأبطال الأشاوس الذين لم تضعف عزيمتهم، فسردت الأمهات سيرة هؤلاء الأبناء منذ أن ولدوا وكيف ربوهن وأنشأوهن وكل أم أرادت لابنها أن يكون جامعياً أو يتزوج أو ينجب ويعيش حياته الطبيعية، وإذ بالحرب تقضي على الأحلام هذه، لكنهن صمدن وقدمن فلذة أكبادهن قرباناً للوطن، ولا نستطيع إلا أن ننحني أمام أمهات الشهداء وتضحيات الجيش العربي السوري”.

ويبيّن الأستاذ مراد شاهين مدير المؤسسة العامة للسينما أن وزارة الدفاع كانت شريكاً حقيقياً في إنجاز هذا الفيلم، كذلك أمهات الشهداء اللواتي هنّ محور الفيلم واللبنة الأساسية له: “الشهداء هم عطرة الله النقية بين البشر لأنهم المضحّون الثابتون وجسور النجاة وضمان استمرار الأوطان والحياة عليها، وقد تحمّلوا في هذه السنوات ما لا يمكن أن يتحمّله أي بشري في سبيل رفعة سورية وبقائها حرة أبية متربعة على عرشها متحررة من كل أشكال التبعية”.

رصد الفيلم مستنداً على كتاب “يوم ليس كباقي الأيام” لكفى ثابت كنعان أم الشهيد مجد رزوق أمهات شهداء الجيش اللواتي ذهبن إلى المكان الذي ضمّ جثامين أولادهن الأبطال الذين خاضوا هذه الحرب بشجاعة وبسالة قلّ نظيرها.

يقول مخرج الفيلم وكاتب السيناريو عوض القدرو: “لم أكتب أي سيناريو، وتركت الكاميرا أمام الأمهات ليتحدثن كما يردن، فنسلت القصص والحكايات الحزينة عن أولادهن الذين التحقوا بالجيش دفاعاً عن الوطن، فكان الإرهاب لهم بالمرصاد”، ويضيف: “رافقت كاميرا الفيلم رحلة الأمهات إلى أماكن استشهاد أولادهن، فقبلن التراب الذي احتضنهم وسالت دماؤهم عليه، وتحدثن إليهم وكنّ على يقين بأنهم يسمعوهن”.

صُوّر الفيلم بين القصير وحمص وحلب واللاذقية وكلية المشاة ومشفى الكندي والطريق الواصل بين إدلب وحلب، وكانت الرحلة كما يصفها القدرو: “مغامرة خاضتها المؤسسة العامة للسينما بمنتهى النبل انطلاقاً من الواجب المهني والأخلاقي تجاه أبطال الحرب، ومن خلال الفيلم اكتشفت أن هناك الكثير من قصص البطولة والشهادة وحكايات لأمهات سوريات تحاول المؤسسة وعلى مر الزمان أرشفتها لتكون ذاكرة وطن”.

وتؤكد كفى كنعان: “نحن أمهات الشهداء مستمرات في طريق الحق والبذل والعطاء، ولم نعرف الانكسار، وأبناؤنا مدارس الشموخ، وسيبقى عملنا قائماً على ترسيخ قيمة الشهادة في عقول القادمين، وهي الرسالة التي قدّمها الشهيد ويجب أن تصل إلى الكل لأنه خطّ لنا الطريق بدمه ويجب علينا أن نكمله، وأتمنى من كلّ أم وزوجة وأخت وابنة شهيد أن توثق حكايتها وهو ما فعلتُه من خلال كتابين لخصتُ فيهما حكاية ابني الشهيد كبطل من أبطال الجيش، وتحدثتُ عن الأم السورية لتعرف الأجيال الحالية والقادمة عظمة هذا الجيش في دفاعه عن سورية”.