استيقاظ المؤسسات؟!
بشير فرزان
البحث في الأداء الحكومي الذي اتخذ من “الإمكانات المتاحة” متكأً لما حدث ويحدث من انتكاسات معيشية واقتصادية، يكشف، بحسب المعطيات الواقعية، أن السياسات المتبعة كانت من بين أسباب الوصول إلى هذه المرحلة الحرجة التي تمّ إغراقها في التشخيص والإمعان في تقديم الأعذار المشفوعة بالظروف الاستثنائية التي كان حصادها المزيد من التأزم.
وبالعودة إلى الواقع، نجد أن “كومة” المشكلات الموجودة في حياة الناس يمكن التخفيف منها بعدة اتجاهات ومسارات، وتحديداً في الحالة المعيشية التي تشكّل الهمّ الأكبر والمشترك بين الحكومة والمواطن، فعلى سبيل المثال الكتلة النقدية الموجودة في المصارف تستطيع تحريك سوق العمل بقوة في حال استثمرت بشكل صحيح وتمّ منحها لمشاريع إنتاجية، ومن ضمنها الشركات العامة التي تتقدّم بمشروع متكامل على نطاق ورشات صناعية إنتاجية منافسة في الأسواق، وحسب متطلبات السوق وبرأسمال بسيط، مع الانتباه لتوفر اليد العاملة والمنشآت، وإلى جانب ذلك هناك خطوات أخرى على صعيد الزراعة عبر المشاريع التعاونية بحيث يتمّ إمداد الفلاحين مباشرة بكلّ مستلزمات الإنتاج وتقاسم المحصول مناصفة وفق آليات الضمان وغيرها، وطبعاً هذه الأفكار تندرجُ ضمن قائمة الحلول التي يمكن تنفيذها عبر الأذرع التدخلية المؤسساتية، وهي ممكنة في حال بقيت بعيدة عن الفكر الانتهازي الوصولي وتمّت حمايتها بالمساءلة والمحاسبة الحقيقية.
بالمختصر، الاتكال على نهج “إدارة النقص لا الوفرة” يعني السقوط في نفق العجز والدوران في حلقات التبرير والأعذار، وسيكون له تداعيات كبيرة في الحياة العامة التي لم تعد قادرة، وأثقلت الأعباء تفاؤلها وأضعفت التحديات تماسكها الاجتماعي والاقتصادي ودخلت مرحلة الخطر الذي يهدّد روابط الانتماء التي دُفعت لأجل تخريبها ملايين الدولارات القادمة من وراء البحار.. فهل تستيقظ المؤسّسات الوزارية من سباتها وترتقي بأدائها إلى مستوى الواقع ؟!