دراساتصحيفة البعث

قانون العلم الأمريكي علامة على ضعف الولايات المتحدة

عائدة أسعد

يهدف قانون العلم الأمريكي الشامل الذي وقعه الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الثلاثاء الفائت إلى تعزيز الوطنية، لكنه في الواقع يكشف عن الحالة المؤسفة للسياسيين الأمريكيين الذين يبدو أن ثقتهم في بلدهم تضعف.

وينص القانون، الذي قدمته السناتور الجمهورية سوزان كولينز من ولاية ماين والسناتور الديمقراطي شيرود براون من ولاية أوهايو، على أن تشتري الحكومة الفيدرالية الأعلام المصنوعة بنسبة 100٪ في الولايات المتحدة، مقارنة بالمتطلب السابق بنسبة 50٪ فقط. وإذا كان هذا مثالاً على استثنائية الولايات المتحدة، فهو بالتأكيد ليس بالمعنى الجيد.

 

إن العدد الأكبر من الأمريكيين يعرضون العلم الوطني خارج نوافذ شققهم وفي ساحاتهم ومتاجرهم أكثر من أي دولة أخرى، بما في ذلك الدول الأوروبية.

لكن من الواضح أن هناك نبرة قوية معادية للصين في هذا القانون، لأن الولايات المتحدة تستورد ملايين الأعلام من الصين،  ففي عام 2017، استوردت حوالي 10 ملايين علم وطني، 99.5 في المائة منها من الصين.

كما أن حقيقة أن الصين لم تقدم تشريعاً يحظر إنتاج الأعلام الوطنية الأميركية بسبب هؤلاء السياسيين الأميركيين العدائيين، تُظهر أن الصين أكثر انفتاحاً، وأقل أيديولوجية ومواجهة من الحكومة الأميركية والمشرعين.

ولإظهار قوة بلادهم من خلال مثل هذا القانون، يكشف القادة والمشرعون الأميركيون عن افتقارهم إلى الثقة في بلادهم؛ وهذا القانون ليس إلا علامة على ضعفهم.

لقد قالت السيناتور كولينز: “إن العلم الأمريكي بمثابة رمز لهويتنا وعزمنا وقيمنا كشعب واحد، ولتكريم أهميته يجب على الحكومة الفيدرالية استخدام الأعلام المصنعة بالكامل في الولايات المتحدة فقط”.

ووفقا لمنطقهاً، يجب توسيع قانون العلم ليشمل حكومات الولايات والحكومات المحلية في الولايات المتحدة، لأنها أيضاً بحاجة إلى إثبات هويتها وقيمها الأمريكية. وإذا كان الأمر كذلك، فهل يجب على المشرعين الأمريكيين تقديم مشاريع قوانين تلزم البيت الأبيض والحكومة الفيدرالية بشراء الأثاث واللوازم المكتبية المصنوعة في الولايات المتحدة فقط؟ وماذا عن البدلات والجوارب والأحذية والملابس الداخلية التي يرتديها رئيس الولايات المتحدة، لأن ارتداء الملابس والأحذية المصنوعة في الولايات المتحدة بنسبة 100٪ سيجعله يبدو وكأنه رئيس حقيقي لمواطني الولايات المتحدة مثل كولينز وبراون؟ أو، ماذا عن مشروع قانون يلزم الحملات الرئاسية الأمريكية باستخدام التذكارات المصنوعة بالكامل في الولايات المتحدة فقط؟

ليس سراً أن العديد من المنتجات، من القبعات إلى القمصان، التي تباع في متاجر الهدايا التابعة للحزبين الجمهوري والديمقراطي أثناء الحملات الرئاسية مصنوعة في الصين.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه في الحملات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، والرئيس السابق دونالد ترامب، تم إزالة العديد من ملصقات صنع في الصين من متاجر الهدايا في المؤتمر الوطني الديمقراطي مسبقاً لتجنب الجدل.

الحجة التي قدمها السيناتوران بأن قانون العلم سيساعد في خلق فرص العمل في الولايات المتحدة خاطئة تماماً، لأنها تتعارض مع مبادئ الاقتصاد الجزئي بشأن الميزة النسبية، فالأعلام المصنوعة في الولايات المتحدة أغلى بكثير من تلك المستوردة، كما أن إجبار الحكومة الفيدرالية الأمريكية على شراء مثل هذه الأعلام الباهظة الثمن لن يساهم إلا في تضخم الدين الوطني الأمريكي، والذي بلغ 35 تريليون دولار.

إن قانون العلم هو محاولة للاستفادة من المشاعر المناهضة للتجارة والمتشائمة المتزايدة بين المواطنين الأمريكيين، لأنه وفقاً لاستطلاع حديث أجراه مركز “بيو”، يقول حوالي 59٪ من الأمريكيين أن الولايات المتحدة خسرت أكثر مما ربحت من حيث التكلفة والفائدة المترتبة على زيادة التجارة مع البلدان الأخرى، كما أن مؤشر الثقة الاقتصادية الذي أصدرته مؤسسة “غالوب” مؤخراً لا يزال يظهر الاتجاه الطويل الأجل للمشاعر العامة السلبية فيما يتصل بالحالة الحالية ومستقبل الاقتصاد الأميركي.

وبالتالي فإن اللجوء إلى النزعة القومية، باسم تعزيز الوطنية، والحمائية التجارية كما يتجلى في قانون العلم لن يساعد في إحياء قطاع التصنيع في الولايات المتحدة، بل إنه بدلاً من ذلك سوف يجعل الأمور أسوأ. ولهذا السبب فإن البلدان الأخرى ليس لديها أي مصلحة في تقديم مثل هذا القانون السخيف.