مهمة تيم والز الشّاقة بشأن العلاقات الأميركية الصينية
عائدة أسعد
دارت مناقشات ساخنة على مدار الأيام القليلة الماضية حول ما إذا كان تيم والز، حاكم ولاية مينيسوتا والبالغ من العمر 60 عاماً، الذي اختارته المرشحة الديمقراطية للرئاسة كاميلا هاريس ليكون نائبها في الانتخابات الرئاسية، قادراً على مساعدة نائب الرئيس الأمريكي الحالي في الفوز بالانتخابات الرئاسية لعام 2024 في 5 تشرين الثاني القادم.
وقد ركزت إحدى المناقشات على تجربة الصين التي خاضها والز، فبعد تخرجه من كلية تشادرون الحكومية في نبراسكا في عام 1989، عمل والز كمدرس لمدة عام في مدرسة فوشان الثانوية الأولى في مقاطعة قوانغدونغ في إطار برنامج نظمته منظمة “وورلد تيتش”، وهي منظمة أميركية غير ربحية.
ومن تسعينيات القرن العشرين إلى عام 2003، أدار هو وزوجته جوين شركة مغامرات السفر التعليمية، التي نظمت جولات تعليمية صيفية إلى الصين لطلاب المدارس الثانوية، وزار والز الصين حوالي 30 مرة، وهو يتحدث بعض الصينية.
وبينما يُقال أن والز ينتقد الصين، بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان، إلا أنه أخبر وسائل الإعلام في عام 2016 بصفته عضواً في الكونغرس: “أنا لا أنتمي إلى الفئة التي ترى أن الصين تحتاج بالضرورة إلى أن تكون علاقة عدائية… اثنتان من القوى العظمى في العالم، هناك العديد من الأشياء التعاونية التي يمكننا القيام بها معاً وأنا متفائل بشأن ذلك”.
ومن المؤسف أن مثل هذه الكلمات تعتبر غير صحيحة سياسياً اليوم في الولايات المتحدة، حيث يحاول كل سياسي إثبات أنه أعظم منتقد للصين، بغض النظر عن مدى جهله أو سخافته لذلك، فليس من المستغرب أن يستخدم بعض الجمهوريين بالفعل تعليقات والز القديمة لتصويره على أنه متساهل مع الصين.
لقد كانت الصين بمثابة الفزاعة المفضلة في الولايات المتحدة، وخاصة خلال الحملات الانتخابية، لعقود من الزمن، وبما أنه زار الصين حوالي 30 مرة، وقضى عاماً في التدريس في مدرسة في فوشان، فإن والز يعرف عن الصين أكثر من معظم السياسيين الأميركيين، وهو قادر على اتخاذ قرارات أكثر عقلانية واستنارة بشأن العلاقات الأميركية الصينية.
والسؤال الكبير هنا هو ما إذا كان الرجل البالغ من العمر 60 عاماً سيظل هادئاً، ويبني تفكيره على الحقائق، أو سيخضع للضغوط الهائلة الموجهة ضد الصين، ولكن ماذا سيقول والز عن الصين عندما يناظر مرشح الحزب الجمهوري لمنصب نائب الرئيس جيه دي فانس، الذي قامت زوجته أوشا أيضاً بالتدريس في الصين في جامعة صن يات صن في قوانغتشو بمقاطعة قوانغدونغ، بصفتها زميلة تدريس في جامعة ييل-الصين؟
قال فانس ذات مرة:” لدى الصينيين سياسة خارجية تتمثل في بناء الطرق والجسور وإطعام الفقراء” ولكن بعد أيام قليلة من توليه منصب نائب الرئيس مع دونالد ترامب، وصف الصين بأنها أكبر تهديد للولايات المتحدة!.
إن الكثير من التساؤلات تتبادر إلى الأذهان: هل ينضم والز إلى السباق نحو القاع في انتقاد الصين من قِبَل واشنطن، أم أنه سيساعد في إعادة العلاقات الثنائية الأكثر أهمية في القرن الحادي والعشرين إلى مسارها الصحيح؟ فالعلاقات الصينية الأميركية في نهاية المطاف تقرر ما إذا كانت الأجيال القادمة ستعيش في سلام ورخاء، أم أنها سوف تنخرط في حرب باردة جديدة تتسم بانقسام الكتل السياسية. وهل يكون النقاش حول الصين خلال ما تبقى من السباق الرئاسي الأمريكي لعام 2024 مبنياً على الحقائق والمنطق بدلاً من أن يشوبه الجهل والهستيريا وأحيانا العنصرية؟.
لقد كان والز على حق عندما قال أن هناك العديد من الأمور التعاونية التي ينبغي للصين والولايات المتحدة العمل عليها معاً، لأن العالم لا يستطيع معالجة القضايا العالمية الرئيسية، من تغير المناخ، والأوبئة، ومنع الانتشار النووي، إلى الحوكمة العالمية، والتنمية العالمية، والصراعات الإقليمية، دون التعاون بين الصين والولايات المتحدة.
كما يأمل بقية العالم أن تستأنف الصين والولايات المتحدة علاقتهما التعاونية بدلاً من الدخول في مواجهات، ويأمل أن تتوقف الولايات المتحدة عن ممارسة الألعاب الصفرية.
ومن المأمول أن يساعد والز، حاكم ولاية مينيسوتا، في إعادة العقلانية إلى واشنطن عندما يتعلق الأمر بالسياسة الأميركية تجاه الصين، وأن يساعد في عكس اتجاه تدهور العلاقات الثنائية، وهذه مهمة شاقة، وينبغي أن تكون بمثابة جرس إنذار لكل الساسة الأميركيين.