ثقافةصحيفة البعث

من دار الأوبرا.. “أغاني الورد” لسيدة الياسمين

ملده شويكاني

“نقيلي أحلى زهرة يا فراشة نقيلي، زهرة تلبق للشقرا وعا شعرها تشكيلة”، كانت بصوت روجيه لحام على نغمات البيانو وألحان زكي ناصيف، وإحدى الرسائل الوجدانية والعاطفية التي قدّمتها الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بأمسية “أغاني الورد” بقيادة المايسترو عدنان فتح الله في دار الأوبرا.

وعلى وقع هذه الأغنية المحبّبة إلى القلوب، وجّه المايسترو عدنان فتح الله رسالة باسم وزارة الثقافة إلى سيدة الياسمين أسماء الأسد بإهدائها هذه الأمسية التي تألقت بصور سيدة الياسمين على الشاشة، وهي تحتفل بقطاف الوردة الشامية التي أدرجت على قائمة التراث العالمي اللامادي بجهودها، فكل هذا الحب لوردة الوطن.

وعبقت الأمسية بشذى الورد وبأجمل الأغنيات التي وصفت وتغنّت بسحر الورد من التراث الغنائي المصري واللبناني والسوري، بمشاركة نجمتي الأوبرا ليندا بيطار وسناء بركات، بالإضافة إلى روجيه لحام ونور الدين زيتون، والكورال، وحفلت ببرنامج متنوع، بدور البيانو –أغيد منصور- والناي- كمي مرشد- ومشاركة الأكورديون في غالبية الأغنيات- لينا ميهوب- مع أعضاء الفرقة.

ولم تقتصر الأمسية على الغناء لعمالقة الفنّ فقط، إذ دعمت الأغنية السورية بأغنيات خاصة لليندا بيطار وسناء بركات والراحل حسام الدين بريمو.

وتمهيداً للورد، بدأ المايسترو فتح الله الأمسية بمقطوعة للموسيقا الآلية من تأليفه وتوزيعه، بعنوان “ملاك” تناغمت بمعانيها ونسيجها الموسيقي مع رقة الورد بانسيابية وتريات تكاملت مع نغمات البيانو وتكثيف وتري على التشيللو، لتأتي القفلة بحركة واحدة للوتريات حتى السكون.

ثم مهد صولو الأكورديون- لينا ميهوب- ليغني روجيه لحام باللغة العربية الفصحى “يا عاشقة الورد” -ألحان زكي ناصيف، وتوزيع سيف درويش- فتألقت تدرجات صوته مع جمالية الكلمات.

وتألقت سناء بركات بحضورها الآسر على المسرح فأبدعت بغناء “يا زهرة في خيالي” على وقع تأثير تانغو فريد الأطرش وتوزيع كمال سكيكر، لتصل إلى المقطع الجميل “يا غرامي كل شيء ضاع مني، فنزعت الحب من قلبي وروحي” مع الوتريات، وتخللها صولو القانون مع الإيقاع الخافت بالفاصل، ودور الناي كمرافقة غنائية في بعض الجمل، وبتقطيعات صوتها المنسجمة مع اللحن.

كما غنّت أغنيتها الخاصة “هالوردة” -ألحان نسيم ديب وتوزيع شعلان الحموي- التي تسرد حكاية عاطفية حزينة “ها الوردة إللي اشتريتها يوم إلكنا سوا، ع المقعد الفاضي رح تدبل وتنسانا” بتدرجات صوتها المتناغمة مع رقة الكلمات، بدور البيانو والتشيللو، فاقتربت في زاوية ما من روح الأغنية اللبنانية العاطفية.

وبصوته الرخيم الجميل، غنّى بأداء قويّ نور الدين زيتون من الزمن الجميل “الورد جميل” لأم كلثوم -ألحان زكريا أحمد، وتوزيع سيف درويش- “شوف الزهور وتعلم بين الحبايب تتكلم” مع تكرار الجملة الموسيقية لـ”شوف” بتدرجات مختلفة، كما غنّى للراحل فؤاد غازي أغنيته الشهيرة “ولزرع لك بستان ورود” فتآلف صوته مع جمالية ألحان عبد الفتاح سكر، توزيع مهدي المهدي- التي تميزت بمرافقة خط الإيقاعيات، وتصفيق الجمهور تحية للأغنية السورية.

وبصوتها الذي يحمل كلّ المشاعر الرقيقة وإحساسها الدافئ، غنّت ليندا بيطار أغنيتها الخاصة “بياع الورد” -ألحان وتوزيع يزن الصباغ- مع الناي والبيانو والوتريات “دخلك يا بياع الورد إنت الباقي وأنا فليت”، وبدا تأثرها بفيروز وهي أجمل من غنّى لفيروز، وبأسلوب آخر غنّت لأسمهان “يا بدع الورد” ألحان فريد الأطرش، وتوزيع كمال سكيكر.

وشارك الكورال بالبطولة أيضاً، إذ أعاد إلى الذاكرة أجمل الذكريات التي تركها الراحل حسام الدين بريمو لجمهوره، بغناء “ياسمينة ووردة” تأليف وألحان بريمو، بمرافقة نغمات الفلوت “لما تفوح بأرض الدار، يجتمعوا كل الجيران” وتابعت الأنشودة تأثير الوردة الشامية.

كما قدّم الكورال بانوراما الورد للموسيقار سمير كويفاتي بتقنية الميكس، منها “يا ورد مين يشتريك” و”وردة حمرا” و”اسق الورد” وغيرها.

وفي حديث المايسترو عدنان فتح الله للإعلاميين أوضح أن التراث الغنائي حافل بأغنيات الورد، وكثيرون كتبوا للورد ولا تكفي أمسية واحدة لتقديمها، إذ يتطلب ذلك تقديم أجزاء عدة، لأن لكلّ أغنية جمالية خاصة وأسلوباً خاصاً بالغناء، وقد استغرقت التحضيرات وقتاً طويلاً لاختيار أغنيات مصرية ولبنانية وسورية، ومن ثم اختيار المغنين بدقة لتقديم الأغنية الأصلية بأصوات سورية مهمّة.

وتابع: “كما تميّزت الأمسية بالربط بين المعاصرة والتراث، بالإضافة إلى تجربة الراحل حسام بريمو، وبانوراما الورد ما أعطاها نوعاً من الحداثة”.

أما ليندا بيطار فأعربت عن أهمية الورد بالنسبة إليها على الصعيد الشخصي، وعن سعادتها بالغناء للورد بأغنيتها الخاصة، وأغنية أسمهان الشهيرة، وعقبت بأنها تحب التلوين الغنائي بعد أن اشتُهرت بالأغنيات الرومانسية، لذلك أطلقت أغنيات عدة معاصرة وبموسيقا متنوعة، وقريباً ستطلق أغنيتها الجديدة “طل” وتستعد للحفل المنتظر في حلب للقاء جمهور الطرب، وتوجد ضمن خطتها مشروعات في الخليج ومن الممكن في أوروبا، لكن الصعوبات مازالت قائمة من حيث الإقامة والفيزا.

كذلك الورد يشغل جزءاً من حياة سناء بركات الخاصة، إذ أشارت إلى أهمية هذه الأمسية من حيث جماليتها، فأثناء التحضيرات كانت تصغي بشغف للأغنيات التي ستقدم، كما أنها مسؤولية كبيرة كون الجمهور يحفظ هذه الأغنيات ويردّدها، ما يتطلّب من المغني الدقة والغناء بروحه وإحساسه الكبير حتى تصل إلى الجمهور، وبيّنت أن أغنيتها الخاصة “هالوردة” أطلقتها منذ سنوات وتحرص على تقديمها في الأمسيات المناسبة.

وعقب نور الدين زيتون على أغنيات الورد التي تؤثر بمشاعرنا ولا نملّ منها، وأعرب عن سعادته بمشاركته الأولى مع الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله.