دراساتصحيفة البعث

ويستمر التطهير العرقي

 هيفاء علي

في الوقت الذي تستضيف العاصمة المصرية القاهرة اجتماعاً جديداً لمحادثات التهدئة بهدف التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار أو هدنة تدفع لإبرام صفقة لتبادل الأسرى، يستمر التطهير العرقي بهدوء وبمباركة الولايات المتحدة، والصمت المريب لما يسمى المجتمع الدولي، وعلى مرأى الجميع، في كل من غزة والضفة الغربية.

فمنذ 7 تشرين الأول 2023، كانت الميزانية العمومية للخسائر الفلسطينية المباشرة، المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي الوحشي المتواصل والمدعوم إلى حد كبير من حلف شمال الأطلسي الغربي، كارثية، وأخر الأرقام المتعلقة بعدد الشهداء صدرت في 22 آب 2024.

بالنسبة لغزة: تم تسجيل 40 ألف و265 شهيداً، بينهم أكثر من 16,500 طفل، وأكثر من 93,144 جريحاً. وفي الضفة الغربية، سقط 640 شهيداً، بينهم 147 طفلاً، وأكثر من 5400 جريح. إجمالي فلسطين المحتلة: 40,905 شهيداً، وأكثر من 98,544 جريحاً، وأكثر من 10.000 مفقود، بالإضافة إلى الخسائر غير المباشرة من سوء التغذية، ونقص الرعاية، وتفشي الأوبئة.

وبحسب مجلة “لا نسيت”، فإن العدد الإجمالي للوفيات الفلسطينية سيكون 204,525، والوضع الإنساني كارثي في غزة. أما فيما يخص الخسائر غير المباشرة، فقد توفي 289 من العاملين في المجال الإنساني، و885 من العاملين في المجال الصحي في غزة أثناء أداء واجبهم خلال الأشهر الأحد عشر من الحرب. وبحسب بيانات منظمة الصحة العالمية، فقد تم تسجيل 990 ألف حالة إصابة بالتهابات الجهاز التنفسي الحادة، و574 ألف حالة إسهال مائي حاد، و107 آلاف حالة متلازمة اليرقان، و12 ألف حالة إسهال دموي منذ 7 تشرين الأول 2023.  كما تم اكتشاف حالة إصابة بشلل الأطفال في 19 آب لدى طفل يبلغ من العمر عشرة أشهر من دير البلح، في حين حذرت الأمم المتحدة منذ عدة أسابيع من الحاجة إلى تنفيذ حملة تطعيم كبيرة لـ 640 ألف طفل في دير البلح.

حرب الإبادة والتطهير العرقي هذه هي استكمال المشروع الصهيوني على كامل فلسطين، والذي كان يحتاج لأدوات إقليمية وبيئة دولية مواتية لتنفيذ هذا المخطط ، فكان تعزيز دولة الاحتلال علاقاتها مع واشنطن والغرب، وتوظيف الفضاء السيبراني لنشر الرواية اليهودية. كانت خطة الحسم التي وضعها الوزير المتطرف سموترتش عام ٢٠١٧ للضفة لتوسيع الاستيطان والتهويد النهائي للقدس والمسجد الأقصى، وإنهاء وجود سلطة وطنية يمكنها أن تكون قاعدة ومنطلقاً للدولة الفلسطينية، وتغيير التركيبة السكانية والعمرانية والثقافية، وفي نفس الوقت التهيئة لافتعال حرب كبيرة في قطاع غزة يؤدي لتهجير أكبر عدد من السكان بالإضافة إلى محاولة تصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) كعنوان لقضية للاجئين.

وعندما جاءت لحظة الحسم الصهيونية، استغلت “إسرائيل” ما جرى في غلاف غزة وضخمته إعلامياً لتبدو وكأن اليهود يتعرضون لخطر وجودي كما جرى في “هولوكست” الحرب العالمية الثانية، وهوَّلت وضخمت من الخطر الإيراني والقدرات العسكرية للمقاومة الفلسطينية.