تنين بحري يفضح الترهل والتأخير بإحداث سوق متخصص للسمك
اللاذقية- مروان حويجة
تستحق مدينة اللاذقية البحرية الشاطئية، سوقاً سمكية مستوفية للحدّ الأدنى من الشروط البيئية والصحية والمهنيّة والتسويقية، والمناسبة لأجواء وتقلّبات البيئة البحرية، من حيث البنى التحتية والخدمية التي نفتقدها السوق الحالية المتواضعة جداً، وإلا ما تفسير أن يتطاير معظم سقف هذه السوق مع التنين البحري الذي ضربها هذا الصباح، ويفترض – أضعف الإيمان – أن يكون مثل هذا السوق المحاذي لشاطئ البحر في حي الرمل الجنوبي، مدعماً ومحصناً لمواجهة محتملة وشبه مؤكدة مع هكذا ظروف جوية طارئة، إن لم نقل إنها شبه مألوفة بالنسبة لظروف عمل الصيادين وبائعي السمك الذين تعترضهم الأنواء والأجواء العاصفة في مسيرة البحث عن رزقهم.
ومن المستغرب، بل والمؤسف أن تذهب كلّ وعود تحسين وتطوير سوق السمك أدراج الرياح، مثلما تطاير سقف السوق وبعض أدواته ومعداته جراء التنين، وإذا كانت فرق العمل الخدمية من الجهات المعنية قد سارعت إلى إتخاذ إجراءات المعالجة الضرورية لترميم أضرار التنين، وترحيل وتعزيل أنقاضه ومخلفاته، لتمكين الباعة والصيادين من معاودة العمل في السوق، فإنّ المعالجة النهائية لمعاناة باعة السمك والصيادين وكلّ المشتغلين والمزاولين لحرفة صيد السمك ونقله وتجارته وتسويقه، لن تكون إلّا باعتماد مواصفات ومعايير أفضل في تصميم وتجهيز هذه السوق، وإعادة تأهيلها كلياً، بما يرتقي بها إلى مستوى السوق النموذجية القادرة على حماية العاملين فيها، ومنتجاتهم ومحالهم.
وفي هذا السياق، يؤكد رئيسُ اللجنة النقابية للصيادين، صبحي بكّو، أن هناك مطالبات كثيرة ومستمرة منذ سنوات، من الصيادين والنقابة، بضرورة الإسراع بإعادة تأهيل ساحة سوق السمك الحالية في موقع مسبح الشعب في حي الرمل الجنوبي، وهذا الموقع مناسب كسوق للسمك، ومن حيث المساحة الكبيرة، ولكن لا يلقى الحدّ الأدنى من الاهتمام والعناية، ويفتقر للتجهيز المطلوب كسوق سمك، إنشائياً وتصميمياً.
وأوضح بكّو أن هناك وعوداً من كلّ الجهات المعنية، ومنها مجلس المدينة وغيره لتحسين واقع السوق، لافتا إلى أن الوضع الحالي للمحال من حيث توضعها، وقلة ارتفاعها، وعدم الاهتمام بشبكة الصرف والنظافة، وغيرها من خدمات، ينعكس سلباً وبشكل مباشر على السوق، وتردي واقعها الخدمي والبيئي والصحي والتسويقي.
وذكر الحرفي محمد كلحسن، صاحب محل في ساحة سوق السمك، أنّ موقع السوق ممتاز، كونه بعيداً عن السكن، وعلى البحر، وهو سوق مركزي على مستوى القطر، والسوق تنظيمياً جيّد وذو بنية جيدة، لكن يحتاج إلى إسفلت منذ ١٥ عاماً، وبحاجة لصيانة السقف، لكن، والحمد لله، جاء أمر الله بتنين بحري ضرب السوق وأزال السقف المصنوع من الكرتون السميك مع ألواح أسمنتية، علماً أن خدمات البلدية غائبة، مع أننا يدفعون ضرائب مالية، وبدل إيجار محل سنوي ورسوم ونظافة وخدمات.
وكان تنين بحري تسبّب صباح اليوم قبالة شاطئ الرمل الجنوبي بمدينة اللاذقية، بأضرار مباشرة بساحة سوق السمك، وذكر عدد من البائعين والعاملين في السوق، أنّ التنين البحري كان قوياً وشديداً، وأسفر عن تطاير الأسقف في ساحة سوق السمك، وتضرّر بعض معدات باعة السمك ومستلزمات عملية البيع، ووقوع أضرار مادية في ساحة السمك بالرمل الجنوبي، وأدّت الأضرار الناجمة عن التنين إلى توقف العمل في السوق، بانتظار إعادة تأهيل الوضع إلى ما كان عليه سابقاً، إيذاناً بمعاودة العمل في سوق السمك، وتسبّب التنين بإصابات طفيفة بين العاملين في السوق، تمّ نقل اثنين منهم إلى المشفى وجراحهم سطحية.
وتعمل ورشات مجلس مدينة اللاذقية والشركة العامة للصرف الصحي، وفرع الشركة العامة للمشاريع المائية على إزالة الانقاض والردميات في ساحة سوق السمك الناجمة عن التنين البحري.
وتأتي واقعة اليوم، لتعيد المطالب المتكرّرة وأهمها تغييب الأسواق المتخصصة بتداول وعرض الأسماك، رغم ما تحمله مثل هذه الأسواق من قيمة اقتصادية وإنتاجية وملاحية، وحتى اجتماعية ومعيشية، إذ لم تبصر النور على مدى السنوات ولا حتى العقود الماضية لأنها لم تحظَ بالاهتمام الذي يرتقي إلى مستوى الضرورة والأهمية.