أخبارصحيفة البعث

تنمية الصين فرصة وليس تحدياً

تقرير- عائدة أسعد

في عام 2018، أطلقت إدارة دونالد ترامب مبادرتها الصينية باسم “استئصال” ما يسمى بالجواسيس الصينيين من الجامعات ومعاهد الأبحاث الأمريكية. واستهدف البرنامج، الذي يذكرنا بالمكارثية في منتصف الخمسينيات، الباحثين الأكاديميين من أصل صيني – الذين شكلوا 90 في المائة من المتهمين – الأمر الذي خلق مناخاً من الخوف بين الأمريكيين الآسيويين في الولايات المتحدة.

لكن في عام 2022 ألغت وزارة العدل الأمريكية البرنامج، ويرجع ذلك جزئياً إلى الانتقادات المتزايدة من جماعات الحقوق المدنية، والأكاديميين الذين زعموا أن المبادرة طبقت معايير مختلفة بناءً على العرق أثناء التحقيقات، وبالتالي كانت بمثابة تحديد عنصري يستهدف الأمريكيين الآسيويين. وعلاوة على ذلك انهارت معظم القضايا المرفوعة بموجب المبادرة قبل المحاكمة، بسبب نقص الأدلة وكان على ماثيو أولسن، مساعد المدعي العام لقسم الأمن القومي، أن يعترف بأن هذه المبادرة ليست النهج الصحيح.

إلا أن الضرر وقع، حيث قالت المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة، التي قادت معظم التحقيقات، في وقت سابق من شهر آب أنه اعتباراً من 9 حزيران الماضي، فقد ما مجموعه 112 عالماً مستهدفاً بالمبادرة – معظمهم من أصل آسيوي – وظائفهم من خلال الفصل أو التقاعد القسري، بسبب روابط غير معلنة مزعومة مع بكين.

واعترفت مونيكا بيرتاغنولي، مديرة الوكالة الرئيسية للحكومة للبحوث الطبية الحيوية والصحة العامة، بـالمناخ الصعب الذي خلقته تحقيقاتها، لكنها لم تصل إلى حد الاعتذار لأولئك الذين ظُلِموا وقالت: “إن تصرفات الحكومة جعلت العديد من الزملاء الأمريكيين الآسيويين والباحثين الآسيويين يشعرون بأنهم مستهدفون ومنبوذون”.

لقد أدى فشل الحكومة الأمريكية في اتخاذ تدابير فعالة لحل مشكلة التمييز العنصري المنهجي إلى انتهاك الحقوق والمصالح المشروعة للعلماء من أصل آسيوي، وكان الجو الذي نشأ عن المشكلة يعني أن العديد منهم يعيشون في خوف وسط العنف المتزايد ضد أولئك من أصل آسيوي، وخاصة خلال جائحة كوفيد-19 كما ارتفعت حالات جرائم الكراهية التي تستهدف المجتمع الآسيوي في الولايات المتحدة بنسبة 76 في المائة في عام 2020.

وحسب دراسة أجراها باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة برينستون وجامعة هارفارد العام الماضي، فإن أكثر من ثلث العلماء من أصل صيني في الولايات المتحدة شعروا بعدم الترحيب في البلاد، وشعر 72 في المائة منهم بعدم الأمان كما أشار الاستطلاع، الذي حمل عنوان ” مخاوف العلماء الصينيين الأمريكيين في مرمى النيران”، إلى الاتجاه نحو زيادة الحوافز لمغادرة الولايات المتحدة، وانخفاض الحوافز للتقدم بطلبات الحصول على المنح الحكومية، بسبب الخوف بين العلماء من التحقيقات الفيدرالية المحتملة.

إن الاعتقاد بأن الولايات المتحدة يمكنها أن توقف تقدم الصين في العلوم والتكنولوجيا، إما من خلال ضوابط التصدير والعقوبات، أو الاضطهاد غير المبرر للعلماء من أصل صيني في الولايات المتحدة، خاطئ، ومن غير المرجح أن تحقق أي من التدابير التقييدية التي تبنتها الولايات المتحدة، والتي تستهدف الصين، وقد ثبت ذلك من خلال الإنجازات التي حققتها الصين في السنوات الأخيرة، على الرغم من حملة القمع الأمريكية المستمرة، والحرب التكنولوجية على شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية.

في اجتماعه مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الزائر جيك سوليفان يوم الخميس الماضي، قال الرئيس شي جين بينغ: نأمل أن ترى الولايات المتحدة تنمية الصين كفرصة، وليس تحدياً، وأن تعمل على التعايش مع الصين. وقال: في هذا العالم المتغير والمضطرب بسرعة، تحتاج البلدان إلى التضامن والتنسيق، وليس الإقصاء أو التراجع.