دراساتصحيفة البعث

لا  لحظر الأسلحة عن “إسرائيل”.. هاريس تنقلب على نفسها

سمر سامي السمارة

في مقابلة أجرتها مؤخراً شبكة “سي إن إن” مع المرشحة الرئاسية للانتخابات الأمريكية عن الحزب الديمقراطي للرئاسة كامالا هاريس، أكدت هاريس أنها لاتنوي في حال فوزها في الانتخابات في تشرين الثاني القادم تغير سياسة إدارة بايدن المتمثلة في الدعم العسكري الثابت “لإسرائيل”، رافضةً الدعوات الواسعة النطاق لفرض حظر على تصدير الأسلحة بغية إنهاء الهجوم المدمر على غزة.

وأشارت هاريس إلى دعمها والتزامها  بحق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها، وأن موقفها من هذا الموضوع واضح، مضيفةً اسمحوا لي أن أتحدث بوضوح، تعهدي في الدفاع عن “إسرائيل” وحقها في الدفاع عن نفسها أمر قطعي لا يتزعزع، وهذا لن يتغير.

ولدى سؤالها عما إذا كانت إدارة هاريس ستنفذ تغييراً في السياسة فيما يتعلق بحظر تصدير الأسلحة “لإسرائيل” أو منع إرسال بعض شحنات الأسلحة، ردت هاريس بـ كلا.

كان ظهور هاريس عبر شبكة “سي إن إن” بمثابة أول مقابلة تلفزيونية رئيسية لها عقب ترشحها رسمياً للانتخابات الأمريكية، وهو تغيير كان يأمل المدافعون عن حقوق الفلسطينيين أن يفتح الباب أمام تحول جوهري بعيداً عن سياسة إدارة بايدن تجاه غزة، والتي كانت تتمثل في تسليح “إسرائيل” حتى النخاع مع ضغطها الفاتر على حكومة اليمين المتطرف لحماية المدنيين والموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار.

على الرغم من وصف دانا باش مراسة شبكة “سي إن إن” لدعوات فرض حظر الأسلحة على “إسرائيل” بأنها مطلب من “اليسار التقدمي”، فقد أظهرت بيانات استطلاعات الرأي أن غالبية الناخبين الأمريكيين العاديين يعارضون إرسال الأسلحة إلى “إسرائيل” لارتكابها جرائم حرب مروعة في غزة والضفة الغربية، وللإشارة فقد أرسلت الولايات المتحدة إلى “إسرائيل” منذ تشرين الأول، أكثر من 50 ألف طن من الأسلحة.

كما أشار استطلاع رأي منفصل أجراه معهد “الشرق الأوسط للتفاهم” إلى أن الناخبين في الولايات الرئيسية في الولايات المتحدة سيكونون أكثر ميلاً إلى التصويت لصالح مرشح ديمقراطي تعهد بحظر إرسال الأسلحة إلى “إسرائيل”.

جدير بالذكر أنه تم بث المقابلة مع شبكة “سي إن إن” في الوقت الذي واصلت فيه “إسرائيل” عدوانها المستمر على الضفة الغربية، من خلال الحملة العسكرية المميتة  التي حذر رئيس الأمم المتحدة وآخرون من أنها قد تصبح امتداداً للعدوان المستمر منذ 11 شهراً على غزة، والذي أدى إلى استشهاد أكثر من 40 ألف فلسطينياً، وتشريد ما يزيد على 90% من سكان القطاع، وأدى إلى حدوث مجاعة في جميع أنحاء القطاع.

في يوم الخميس الماضي، أودت الهجمات العسكرية لقوات الاحتلال بحياة خمسة فلسطينيين في غارة جوية على قافلة سيارات تقودها وكالة المساعدات الأمريكية للاجئين في الشرق الأوسط (أنيرا) والتي تعمل مع المجتمعات المضيفة المتضررة من الحروب والأزمات، ويعد تزويد حكومة تعرقل توصيل المساعدات الإنسانية الأمريكية بالأسلحة انتهاكاً للقانون الأمريكي.

جاء الهجوم على “أنيرا” بعد يوم من إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلية النار على مركبة تابعة لبرنامج الغذاء العالمي، ما أجبر الوكالة التابعة للأمم المتحدة على تعليق حركة الموظفين في غزة.

أثار رفض هاريس التعبير عن الانفتاح على حظر الأسلحة ضد قوات الاحتلال التي استهدفت مراراً وتكراراً العاملين في مجال المساعدات والرعاية الصحية والصحفيين وغيرهم من المدنيين ردود فعل عنيفة فورية من دعاة حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك النائبة رشيدة طليب والتي وجدت أن إجابة هاريس تشير إلى أن “جرائم الحرب والإبادة الجماعية ستستمر”.

كما وصف يونا ليبرمان، المؤسس المشارك لمجموعة ” إن لم يكن الآن”، إجابة المرشحة الديمقراطية بشأن غزة بأنها فظيعة وأفقدتها الاتصال بالناخبين، وخاصةً أولئك في الولايات الرئيسية التي تحتاج هاريس إلى الشعور بالتحفيز للذهاب إلى صناديق الاقتراع، مضيفاً إن استطلاعات الرأي تلو الأخرى تخبرنا أن أغلبية الأميركيين وحتى الدوائر الانتخابية الديمقراطية الأكثر أهمية تريد من الولايات المتحدة أن تتوقف عن إمداد “إسرائيل” بالأسلحة التي تستخدمها لقتل وتشريد العائلات الفلسطينية، إن عدم إرسال القنابل إلى إسرائيل هو أمر مجدي سياسياً و- من الواضح تماماً!- هو الشيء الصحيح أخلاقياً الذي يجب على أي شخص يقرأ العناوين الرئيسية اليومية للمجازر الإسرائيلية التي تُرتكب بأسلحة أميركية.

من جهته، حذر الصحفي والمدير الوطني لـ معهد “روتس أكشن” نورمان سولومون من أن “الوقت ينفد أمام كامالا هاريس لتنأى بنفسها عن السياسات الأميركية التي تمكن “إسرائيل” من الاستمرار في القتل الجماعي والإبادة الجماعية في غزة، مضيفاً أن استطلاعات الرأي تُظهر أن التوجه نحو الاحترام الأخلاقي من شأنه أن يحسن فرصها في هزيمة دونالد ترامب، لكن خلال مقابلتها مع شبكة “سي إن إن” مؤخراً، ظلت هاريس متوافقة مع تسليح الرئيس بايدن غير المشروط “لإسرائيل”.