اقتصادصحيفة البعث

قبل فوات الأوان..!

قسيم دحدل 

بعيد تشكيلها بموجب قرار رئاسة الوزراء رقم 812 تاريخ 15- 5- 2022، خلصت اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة في اجتماعها الأول إلى إقرار خطة عملها والاتفاق على وضع مصفوفة تنفيذية وإطار زمني لإنجاز مهامها ومخرجاتها، ومتابعة العمل على تشكيل فرق العمل الفنية، كما جرى تحديد المحافظات التي سيتمّ التركيز على إعداد تقارير تنمية مستدامة محلية فيها.

اليوم، وبعد انقضاء سنتين وثمانية أشهر على تشكيل اللجنة، وكنّا فيها نترقب أي بشرى تنموية تصدر عنها، لم نسمع أو نقرأ أي خبر عن إعداد أو دراسة لمشروع تنموي، مع أننا بأمسّ الحاجة لمثل هذا النوع من المشاريع، كونها تشكل الأرضية الصحيحة والمحفّزة لمختلف الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية الإنتاجية عامة والزراعية خاصة، حيث العديد من المناطق فقدت قدراتها الإنتاجية وبالتالي التنموية بفعل الحرب الإرهابية.
ومع استعادة الدولة مناطق واسعة وعودة الأمن والأمان إليها، كنّا نأمل — وتحديداً من الحكومة (حكومة تصريف الأعمال حالياً) – المسارعة إلى إنجاز وتنفيذ المشاريع التنموية في أكثر من منطقة، ولاسيما بعد توفر المناخات التشغيلية فيها، لكن هذه الحكومة، التي اتهمت بأنها حكومة جباية لا تنمية، لم تحرك ساكناً في ملف المشاريع التنموية، بل اقترفت واحداً من أهم الأخطار الاقتصادية وهي إعطاؤها الأولوية للسياسة المالية على حساب السياسة التنموية والاجتماعية، رغم تحذير بعض المختصين والخبراء الاقتصاديين من ذلك!

وإذا كانت اللجنة المذكورة لم تحقق إنجازاً تنموياً يُشار إليه بالبنان، وقبلها أيضاً لم تنجز وزارة تنمية المنطقة الجنوبية أي مشروع تنموي يمكن أن يُحدث فرقاً تنموياً جوهرياً في هذه المنطقة، وخاصة الواقعة جنوب شرق حوران، حيث الفاقة المائية في أشدّها رغم وقوعها فوق (حوض الأزرق المائي) الممتد إلى داخل الأراضي الأردنية، الأمر الذي حرم المنطقة من أي نشاط تنموي واقتصادي وإنتاجي يُذكر، وما يعنيه ذلك من منعكسات اقتصادية واجتماعية إيجابية غاية في الأهمية على السكان القاطنين في أريافنا الجنوبية الشرقية، لناحية الاستقرار الزراعي والإنتاجي والتحسين المعيشي، وخاصة حين نعلم أن غياب أي مشروع تنموي هناك، يعني تحييد الآلاف من الهكتارات وخروجها من دائرة الإنتاج الزراعي، علماً أن هذا الأخير هو الأساس في تثبيت الفلاحين بأرضهم وعدم هجرتهم للعمل الزراعي والمكان برمته.

نطرحُ هذه القضية، ونحن ننظر بقلق شديد إلى مناطقنا الساحلية التي، ورغم الاستقرار والوفرة المطرية السنوية فيها، إلا أنها تعاني العطش، ما يجعلنا نتساءل: إذا كان حال الواقع المائي في مناطقنا الساحلية الغنيّة بمواردها المائية، وحال تعاطينا الحكومي معها هكذا، فماذا يمكننا أن ننتظره حكومياً في جنوبنا حيث تراجع معدل الهطل السنوي؟!
ننتظر بفارغ الصبر، المشاريع التنموية التي لن تأخذ طريقها للتنفيذ إلا بعد أن ننجز المشروع الوطني الأهم وهو (إدارة مواردنا المائية)، إدارة منطلقها استغلال كلّ قطرة ماء عذب تسقط في سورية.. وكل مياه مالحة تنتج، بعد معالجتها، في رسم شبكة مائية (شبكة الحياة) تشمل وتغطي بلداً تشكل الزراعة والإنتاج الزراعي أس التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيه.
ومن هنا، على الحكومة المنتظرة استدراك ما فات وبالسرعة الكلية، لأن الزمن لا يرحم، ومؤشرات المقبل من الأيام على صعيد الأمن الغذائي لا تطمئن، فهل نعي وندرك قبل فوات الأوان؟

qssim1956@gmail.com