اقتصادصحيفة البعث

تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. استثمار علمي لتحسين الأداء المؤسساتي وعوائد كبيرة في مختلف القطاعات

دمشق- بشير فرزان

يتحضر المستقبل بكل تفاصيلة لمرحلة جديدة عنوانها الذكاء الاصطناعي (AI) الذي يقوم على إنشاء أنظمة قادرة على أداء المهام التي تتطلب عادةً ذكاءً بشرياً، مثل التعلم، الاستدلال، والتعرف على الأنماط، حيث يعتمد الذكاء الاصطناعي على الخوارزميات والنماذج الرياضية التي تسمح للأنظمة الحاسوبية بتحليل البيانات واكتساب المعرفة واتخاذ القرارات بناءً على هذا التحليل.

الدكتور في الاقتصاد تامر رفاعة أشار إلى أن فكرة الذكاء الاصطناعي بدأت في منتصف القرن العشرين، حيث نظم جون مكارثي ومارفن مينسكي وناثانيال روتشستر وكلود شانون مؤتمر دارتموث في عام 1956، والذي يعدّ البداية الرسمية لهذا المجال. منذ ذلك الحين، شهد الذكاء الاصطناعي تطورات كبيرة، بدءاً من الأنظمة الخبيرة في الثمانينيات إلى التعلم الآلي في التسعينيات، وصولاً إلى التطبيقات الحديثة في الاقتصاد والمجتمع والتعليم.

وبيّن رفاعة أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد تعزّز الاقتصاد الرقمي من خلال تحسين أداء المؤسسات وزيادة إنتاجيتها، لافتاً إلى أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة العمليات التي كانت تتطلّب القوة البشرية، مما يؤدي إلى تقليل التكاليف وزيادة الكفاءة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن تحليل كميات ضخمة من البيانات بسرعة ودقة، مما يساعد الشركات على اتخاذ قرارات مستنيرة وتحقيق ميزة تنافسية.

وبالنسبة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجتمع أوضح رفاعة أنه يلعب دوراً مهماً في تحسين جودة الحياة، من خلال تطبيقات مثل المساعدين الذكيين والمركبات ذاتية القيادة، يمكن للذكاء الاصطناعي تسهيل الحياة اليومية وجعلها أكثر راحة وأماناً، على سبيل المثال، يمكن للمساعدين الذكيين أداء مجموعة متنوعة من المهام لمستخدمي الهواتف الذكية، مما يوفر الوقت والجهد.

وفي مجال التعليم، أكد أنه يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين جودة التعليم من خلال تخصيص تجربة التعلم لكل طالب بناءً على احتياجاته وقدراته، كما يمكن للذكاء الاصطناعي مراقبة تقدم الطلاب وتحديد نقاط القوة والضعف لديهم، مما يساعد المعلّمين على تقديم الدعم المناسب لكل طالب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي توفير موارد تعليمية متاحة على مدار الساعة، مما يتيح للطلاب التعلم في أي وقت ومن أي مكان.

وأشار إلى أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة المهام الروتينية، مما يزيد من الكفاءة والإنتاجية في مختلف الصناعات، أما على صعيد الزراعة فيمكن تحسين الإنتاج الزراعي من خلال تحليل البيانات المتعلقة بالمناخ والتربة والمحاصيل، وفيما يخصّ اتخاذ القرارات يساعد الذكاء الاصطناعي في تحليل كميات ضخمة من البيانات بسرعة ودقة، مما يمكّن الشركات من اتخاذ قرارات مستنيرة، وعلى صعيد الصحة يسهم في التشخيص الطبي وتحليل الصور الطبية، مما يساعد الأطباء في تقديم رعاية أفضل للمرضى، وأشار إلى أنه في مجال الأمن يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مراقبة الأمن وتحليل البيانات الأمنية للكشف عن التهديدات المحتملة.

وبالنسبة لسورية بيّن رفاعة أنه بدأ الاهتمام مؤخراً بالذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مجالات الحياة كافة، حيث تقيم حالياً جامعة دمشق وبالتعاون مع جامعة عجلون الوطنية ومركز الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في اتحاد الجامعات العربية المؤتمر الدولي الأول حول الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي والخدمة المجتمعية، الذي تستضيفه جامعة دمشق في الفترة من 10 إلى 12 أيلول 2024، وتمّ تسليط الضوء على الدور المحوري الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في مختلف نواحي الحياة، وتأثيراته على الاقتصاد، والمجتمع، والتعليم، وكيف يمكن لهذه التكنولوجيا أن تحدث تحولاً جذرياً في حياتنا اليومية. وتتركز مناقشات المؤتمر حول استراتيجيات الذكاء الاصطناعي في تعزيز الشمول المالي الرقمي، والخدمات المصرفية الرقمية وتفعيل آلياته وأخلاقياته ومخاطره، وحاجته للتنظيم القانوني، واستخدامه في الحروب العسكرية وأثره على الأمن الدولي، إضافة إلى واقع أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، واستخدامه في الأمن المعلوماتي، والذكاء الصنعي في زرع وتعويض الأسنان وغيرها.

وأوضح رفاعة أن الذكاء الاصطناعي سيستمر في التأثير على مختلف جوانب حياتنا، ومن خلال تبني هذه التكنولوجيا وتطويرها بشكل مسؤول، يمكننا تحقيق فوائد كبيرة في الاقتصاد والمجتمع والتعليم، ولذلك يجب علينا العمل معاً لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق تعزّز التنمية المستدامة وتحقق العدالة الاجتماعية، فالذكاء الاصطناعي تكنولوجيا واعدة تحمل إمكانيات كبيرة لتحسين مختلف جوانب الحياة في سورية.