صحيفة البعثمحليات

إطفاء الحرائق لا يجدي!

غسان فطوم 

أمنية كلّ مواطن سوري أن يرى غيوم الضائقة المعيشية تنقشع وتتلاشى رويداً رويداً، بل دفعة واحدة إلى غير رجعة، لعلّ وعسى تتضح الرؤية أمام عينيه الحزينتين ليرى واقعاً آخر أكثر تفاؤلاً، لا عتمة فيه، ولا غلاء للغذاء والدواء، ولا طوابير من الشباب يتدافعون أمام مديريات الهجرة والجوازات بحثاً عن فرصة عمل خارجية، ولا زحمة على المواصلات العامة والخاصة، وغيرها من الأزمات التي باتت لا تفارقنا كظلنا!

مؤسف جداً أن نصل إلى درجة “الحلم والتمني” بتجاوز أزماتنا ومشكلاتنا العالقة، والمؤلم هنا أن بعضها من صنع أيدينا، لينطبق علينا المثل القائل “يداك أوكتا وفوك نفح”، فوصفاتنا العلاجية أبداً لم تكن مناسبة، بل مجرد مسكنات للألم المعيشي والخدمي، في وقت كنّا نحتاج للتشخيص الدقيق لمعاناتنا وتحليل أسبابها لمعرفة الدواء المناسب والفعّال والمركّب وفق معايير دقيقة تشبه بيئتنا، فقوالب الحلول المستوردة التي حاول البعض تجريبها أثبتت فشلها بامتياز، فمتى نتعلّم من هفواتنا وأخطائنا التي كلفتنا الكثير من هدر الموارد الاقتصادية والبشرية؟

بحسبة بسيطة، لو عملنا كشف حساب لدفاتر يوميات الحرب، خلال أكثر من 12 عاماً من المعاناة، سنجد أن الحكومات المتعاقبة لم تنجح في تطويق مشكلاتنا الاقتصادية، وخاصة ما يتعلّق بالشأن المعيشي والخدمي، فهي حاولت تحسينه بالاعتماد على ضغط النفقات، وهذا ما أدى إلى نتائج عكسية على الفرد والمجتمع ككل. وهنا يرى بعض الباحثين والمحللين الاقتصاديين “أن ما فعلته الحكومات السورية المتعاقبة كان محاولة لتحسين الميزانية العامة عن طريق تقليص الإنفاق، لا عبر زيادة الإيرادات، وهي بهذا فاقمت فجوة التفاوت الطبقي وتركت المواطنين العاديين يتدبرون أمرهم بأنفسهم”.

إن الكلام، ونحن على أعتاب تشكيل حكومة جديدة، يكثر بلا شكّ، وتكثر معه الطموحات بتغيير الواقع، لكن يبقى الأهم تحقيق طفرة في الخدمات المقدمة للمواطنين، وتحسين المستوى المعيشي، وإنعاش الواقع الزراعي والصناعي، بالأفعال وليس بالأقوال، وإيقاف ارتفاع التضخم المخيف واستقرار الأسعار النارية التي أرهقت الجيوب.

بالمختصر، ننتظر سياسات وخططاً وبرامج ورؤى جديدة مبدعة تنعكس إيجاباً على ظروفنا المعيشية والخدمية، لذا على الحكومة الجديدة أن تتعامل مع الواقع بفكرة “إدارة المخاطر” من خلال توقع حدوثها على المدى القريب أو البعيد، وليس بفكرة “إطفاء الحرائق” بعد أن تقع، لأنه من المؤكد سيصعب السيطرة عليها!