ثلاثية موسيقا الحجرة بين البيانو والفلوت والباصون
ملده شويكاني
أحاديث شائقة بين آلة الباصون بصوتها الرخيم وآلة الفلوت بصوتها الرقيق، يجمع بينهما البيانو بأبعاده ومستوياته الصوتية بتشكيل رائع لموسيقا الحجرة، التي أغرت عدداً من الموسيقيين من مختلف العصور لكتابة أعمال إلى هذه الثلاثية، فاختار أنطوني كنوزي عازف البيانو جزءاً منها، لتكون ضمن مشروعه الموسيقي في أمسية موسيقا الحجرة التي قدمها بمشاركة فرح سليمان عازفة الفلوت، ونارا خانمة عازفة الباصون في دار الأوبرا.
وأضفت هذه التشكيلة الثلاثية جمالية لحنية فرضت حضورها اللطيف على الجمهور، سواء باللحنية المشتركة أم بالحوارية بين الفلوت والباصون على خلفية ألحان البيانو، أو باللحن الأساس الذي أخذ دوره البيانو، إذ اختار أنطوني كنوزي من العصر الرومانسي للمؤلف س.م.ويبر” تريو إن ـ ج ـ مول- مصنف رقم 63 (1819) للآلات الثلاث المؤلف من أربع حركات، وقد كُتب للفلوت والتشيللو والبيانو وحل الباصون عوضاً عن التشيللو لكونه يتقارب مع صوته الرخيم، الأولى سريعة متوسطة ببداية مشتركة يأخذ فيها البيانو اللحن الأساس ثم التناوب والتحاور بين الفلوت والباصون، والثانية سريعة ومرحة ويظهر فيها دور الباصون والفلوت أكثر، والثالثة بطيئة، وأخذت الطابع الشعبي لكونها موسيقا أغنية ريفية تدعى الراعي وتقام على لحن بسيط غنائي، وأخذ فيها الباصون دور الغناء، أما حركة الاختتام فكانت سريعة.
وإلى نمط موسيقي آخر بتقديمهم السوناتا من العصر الكلاسيكي للمؤلف إف. ديفيان ـ سوناتا إن س ـ ديور للفلوت والباصون والبيانو (1787) المؤلفة من حركتين فقط، الأولى سريعة جداً والثانية من نوع “روندو” وتعني تكرار اللحن ضمن العزف، واتسمت بالطابع التقني للعزف ولاسيما بتوظيف تقنيات الباصون، وخاصة في حركة الروندو المكررة.
ويعود كنوزي إلى نمط “التريو” من الموسيقا المعاصرة للمؤلف إف. بولينس – تريو إف ب43(1926) المؤلف من ثلاث حركات وكتبها للأوبوا والباصون والبيانو، فحلت الفلوت ذات الصوت الرقيق عوضاً عن الأوبوا، الأولى سريعة (بريستو) وتميزت بامتدادات ألحان الفلوت، والثانية مسترسلة بتمهل تعتمد على التقنية، والثالثة روندو، وتتميز ببعد درامي بدت بصياغة لحنية مختلفة، تتخللها أجواء حيوية وقوية بحركة سريعة ومكثفة للبيانو.
والملفت أن العازفين الثلاثة تابعوا دراستهم العليا في أوروبا، ففرح سليمان عازفة الفلوت التي شاركت بأمسيات موسيقا الحجرة المتنوعة في برلين، تتابع دراستها في برلين، وأنطوني كنوزي عازف البيانو تابع دراسته للماجستير في كونسرفاتوار بمدينة بوردو في فرنسا، وهو مدرس في المعهد العالي للموسيقا، أما نارا خانمة عازفة الباصون فتابعت دراستها للماجستير أيضاً في كونسرفاتوار بمدينة بوردو في فرنسا، وهي مدرسة في المعهد العالي للموسيقا.
وفي حديث مؤسس الفرقة أنطوني كنوزي لجريدة “البعث” أوضح أنه نوّع بالأعمال وتوقف عند نمط التريو المؤلف من ثلاث آلات، وعند أغنية الراعي في العمل الأول، أما تريو العمل الثالث فمختلف من حيث الهارموني والألحان، وفيها سرعة، وأشار إلى أن الموسيقي يجب أن يعزف كل الأنماط، فيحاول بمجموعة موسيقا الحجرة ويعزف الديتو الثنائي ومع الأوركسترا، حتى يلمّ بكل الأنماط الموسيقية وتتكون لديه خبرة، ونوّه بأن موسيقا الحجرة قليلة وليست منتشرة ومن الضروري أن ننشر هذا النمط الموسيقي، لكي يتعرف إليه الجمهور أكثر.