إبعاد شبح الحرائق يتطلب منظومة تشاركية مجتمعية لحماية غاباتنا
اللاذقية – مروان حويجة
دخلت غاباتنا موسم الحرائق الفعلي المتعارف عليه، سنوياً في شهري إيلول وتشرين الأول، وتعدّ هذه الفترة الأكثر خطورة وحساسيّة، وفق رأي أهل الاختصاص والخبرة، والمعنيين بالشأن الحراجي، وماحصل خلال اليومين الماضيين، من صعوبة بالغة في التعامل مع الحرائق التي اندلعت في ريف اللاذقية الشمالي على محور السرسكية – بيت زريقة – الشقراء لجهة صعوبة دخول الآليات وتعذّر وصولها إلى بؤرة الحريق، واضطرار الجهات المعنية لاستخدام الطرق اليدوية في تطويق وإخماد الحرائق، يضعنا أمام حتمية وضرورة التفعيل الحقيقي الملموس للمجتمع المحلي في حماية الغابة، والإسراع قدر الإمكان، باعتماد صيغة حماية تشاركية مؤسساتية مجتمعية تكفل تكثيف التدابير الوقائية الضرورية، والبالغة الضرورة لحماية غطائنا الحراجي، وجعله بمنأى عن شبح الحرائق.
وأشار مدير زراعة اللاذقية المهندس باسم دوبا إلى أن حريق بيت زريقة – الشقراء، تطلب الاعتماد على الفرق الحقلية في البداية لتعذر وصول الآليات الهندسية الثقيلة كالبلدوزرات التي استغرق وصولها عدة ساعات إلى أرض الموقع، وشقّ طرق لتمكين سيارات الإطفاء من الوصول إلى موقع الحريق، وعزل القطاع الأخطر عن باقي القطاعات في قرية الشقراء بوساطة الفرق الحقلية على مسافة ١ كم، ونتيجة التضاريس القاسية والمنحدرات الشديدة في القطاع الغربي، فقد تمّت الاستعانة بالحوامة في إخماد الحريق.
وبحسب رئيس دائرة الحراج المهندس جابر صقور، فقد استدعى الحريق إلى توجيه أكبر الإمكانيات الموجودة، من فرق مكافحة الحرائق وآليات ثقيلة وإطفائيات لتطويق الحريق، ونظرا لشدة اشتعال النيران، وصعوبة الوضع فقد تدخل فوج إطفاء اللاذقية، وهذا ما أكده قائد الفوج المقدم مهند جعفر، والذي ركز على سرعة الوصول إلى الموقع لتطويق بؤرة الحريق . وإزاء ما استنزفه حريق واحد كهذا من إمكانات وطاقات كبيرة، وما سببه من خسائر في المساحات التي طالتها النيران، ناهيك عن حالات هلع في المحيط السكاني المجاور للغابات المتضررة، وأمام كل ما تتعرض له غاباتنا من حرائق وأضرار، فهذا كلّه يعيد إلى الواجهة والاهتمام، ضرورة التشبيك الحقيقي مع المجتمع المحلي المجاور للغابات، وتكريس حقيقة مفادها أنّ حماية الغابات، قضية وواجب مجتمع بأكمله، ومن الضروري تحقيق التلازم بين واجب الكادر الحراجي والزراعي والإطفائي، وبين تطوع ومبادرة المجتمع المحلي في حماية الغطاء الحراجي، من خلال تعزيز العلاقة المتبادلة، بآليات عديدة وأساليب متعددة تصب في تنمية وحماية واستثمار الغطاء الحراجي بدلاً من تكريس النظرة السلبية القائمة على الحذر ومنع التعامل مع الغابة، في حين أنّ إحياء الغابات ضرورة بيئية واقتصادية واجتماعية وسياحية، ولئلا تبقى غاباتنا عرضة حقيقة لنيران الحرائق، ولاسيما أنّ تطويق البؤر القوية للنيران ليس ممكنا بالسرعة المطلوبة ، لأنّ ألسنة اللهب تحتاج وقتاً للسيطرة عليها وإخمادها كما حصل في حريق السرسكية – بيت زريقة – الشقراء، وبمؤازرة من مختلف الجهات والمؤسسات التي شاركت بكل طاقاتها للسيطرة على النيران المندلعة، وهذا كله يدفع بقوة نحو التوجه السريع والعاجل والشامل للبرامج والخطط الوقائية المفتوحة على كل الفعاليات المؤسساتية والمجتمعية.