دراساتصحيفة البعث

إرهاب الكيان المحتل وإفلاس الغرب الأخلاقي

هيفاء علي

يوماً بعد يوم، ترتفع أعداد الشهداء الفلسطينيين نتيجة العدوان الإسرائيلي السافر على غزة والضفة الغربية المستمر للشهر الـ 11، وبحسب إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية، فقد بلغ عدد الشهداء حتى الآن 41,272 شهيداً، بينهم أكثر من 16,500 طفل، وأكثر من 95,551 جريحاً. وفي الضفة الغربية 705 شهداء، بينهم 159 طفلاً، وأكثر من 5700 جريح. وبلغ إجمالي شهداء فلسطين 41,977 شهيداً، وأكثر من 101,251 جريحاً، وأكثر من 10.000 مفقود. وبإضافة الخسائر غير المباشرة، من سوء التغذية، ونقص الرعاية، والأوبئة، فإن العدد الإجمالي للوفيات الفلسطينية سيكون حالياً 209,885.

لقد خلقت الموافقة على سحق غزة فجوة هائلة في النظام الأخلاقي للعالم، والدعم الغربي لتدميرها، وهو ما سيتذكره التاريخ. هذه السطور الأولى من كتاب ديدييه فاسان الأخير “الموافقة على سحق غزة.. هزيمة غريبة”، الذي نشرته دار لا ديكوفرت، تعطي مقياساً للمهمّة التي حدّدها لنفسه من خلال هذا الكتاب: جمع كلّ التسلسلات للسجل والتي، منذ هجمات 7 الأول، كشفت النقاب عن “الإفلاس الأخلاقي لمعظم الحكومات الغربية”.

يؤكد الكتاب أن هيجان وجنون الكيان المحتل لم يتوقف عند هذا الحدّ، بل أطلق العنان لجنونه وإرهابه بشن هجوم سيبراني على لبنان أدّى إلى حدوث انفجارات في أجهزة الاتصال، وقد أدّت هذه الهجمات إلى استشهاد ما لا يقلّ عن 37 شخصاً، من بينهم 12 طفلاً، وإصابة نحو 4000 آخرين، بينهم مدنيون، ولاسيما في ضواحي بيروت.

وبعد ذلك أطلق العنان لموجة من الإرهاب في جميع أرجاء لبنان، حيث شنّ طيران الكيان المحتل غاراته على الضاحية الجنوبية لبيروت. وبحسب مراقبين، فإن هذين الهجومين الإرهابيين يسلطان الضوء على الأولويات الجديدة لجيش الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة في فتح جبهة على الحدود اللبنانية.

وعليه، فإن العمل الإرهابي الذي يقوم به الكيان المحتل في فلسطين ولبنان لن يؤدي إلى نهاية المقاومة اللبنانية، ولا نهاية فصائل المقاومة الفلسطينية، بل سيعزّز قوتها وصمودها، وسيقود إلى الردّ على إرهابه، وربما أيضاً ضد مؤيديه الغربيين، ومن الواضح أن هذا لا ينبغي أن يكون مفاجئاً لأحد.

علاوة على ذلك، فإن الثقة في المعدات الغربية بجميع أنواعها، بما في ذلك الأسلحة المتطورة (الطائرات العسكرية، والدفاع الجوي، والرادار، والدبابات، والطائرات بدون طيار، ومعدات الاتصالات، وما إلى ذلك) والتي تمّ تقويضها بالفعل في أوكرانيا، سوف تتراجع بشكل واضح في جميع بلدان الجنوب العالمي التي تسعى إلى تعزيز التعاون الدولي، والتحرّر من سطوة الغرب، فهي على ثقة ودراية بأن المواد التي يبيعها لهم الغرب محاصرة أيضاً بشكل أو بآخر. ومن الواضح أن الإجراء الذي سيتخذه الكيان المحتل ربما يكون له عواقب على مشتريات الإمدادات العسكرية من جانب بلدان الجنوب العالمي، والتي سوف تتجه بسهولة أكبر إلى المصدّرين الموثوق بهم. وهذا حجر آخر في حديقة الغرب التابع لحلف شمال الأطلسي والذي يظهر نفسه علناً كمؤيد “لإسرائيل”، وبالتالي مكافأة لروسيا والصين وإيران.

في 18 أيلول الجاري، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية 124 صوتاً، مقابل 14 صوتاً معارضاً، وامتناع 43 عضواً عن التصويت، قراراً يطالب “إسرائيل” بوضع حدّ فوريّ لوجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي يشكل عملاً غير قانوني مستمراً يستلزم مسؤوليتها الدولية، وأن تفعل ذلك في موعد لا يتجاوز 12 شهراً بعد اعتماد النص.

ولكن كغيره من القرارات الأممية السابقة، سيبقى هذا القرار حبراً على ورق، لأن الكيان المحتل ووكلاءه من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة يحتقرون الأمم المتحدة إذا لم تخدم هذه المنظمة مصالحهم!.