ثقافةصحيفة البعث

وسام الشاعر: سعيد بتعليم الأطفال العزف على آلة الأكورديون والعمل على تأهيل مدرسين لها

أمينة عباس

تُعدّ آلة الأكورديون من الآلات الموسيقية الغريبة، ولم تكن موجودة على الساحة الموسيقية في سورية بكثرة، لكن منذ فترة ليست بعيدة أوجد لها الفنان وسام الشاعر مكانة مميزة، وعَمل على نشر موسيقاها لتجذب الانتباه وتصبح الآلة التي يسعى الكثيرون إلى تعلّم العزف عليها، ويُعدّ الشاعر الذي لُقّب بساحر الأكورديون من أكثر عازفي الآلة أهميةً في الشرق، وهو أول عازف أكورديون أكاديمي في سورية.

وعن مسيرته مع هذه الآلة، يحدثنا وسام الشاعر: “شدَّني صوت آلة الأكورديون عندما كنتُ أستمع في طفولتي لأغاني أم كلثوم وفيروز وأصبحت آلتي المفضّلة بعد أن تعرّفتُ عليها وعلى طريقة عزفها من خلال المشاركة في الأنشطة الطلائعية الخاصة بالموسيقا، حيث تدرّبتُ على أيدي أساتذة عدّة، وأصبحتُ رائداً على مستوى القطر في العزف عليها، ودفعني شغفي فيما بعد إلى دراسة الموسيقا، فحصلتُ على إجازة من جامعة البعث في حمص اختصاص غناء أوبرا، ومن ثم درجة الماجستير في التربية الموسيقية من جامعة دمشق ودبلوم من المعهد العالي للموسيقا اختصاص أوكورديون وبيانو، كما تدرّبتُ عند عازف الأكورديون العالمي “مانفريند لويختير” من خلال ورشات عمل شاركتُ فيها خلال عامَي 2006 و2009 وورشات أخرى كانت مع أكثر عازفي الأكورديون أهمية في العالم مثل “ماريو ستيفانو” و”زينتشي” وحسن أبو السعود، ما أتاح لي فرصة الاطّلاع على مدارس عديدة في الجاز والتانغو والكلاسيك، وعملتُ مع مؤلفين موسيقيين عالميين مهمّين مثل “راؤل ديبلاسيو”، وكنتُ أول عازف أكورديون عربي يعمل في فرقته التي تضم عازفي آلات صولو مهمين في العالم”.

ويُعدّ الشاعر أول عازف أكورديون سوري قدم عزفاً منفرداً على مسرح دار الأوبرا، أبرزَ من خلالها خصوصية هذه الآلة، ولاسيما في مدرسة الرحابنة الذين برعوا في التأليف لهذه الآلة، يقول: “شاركتُ مرات عديدة في العزف المنفرد بمرافقة الفرقة السيمفونية الوطنية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان عام 2013 وفي عام 2015 بقيادة أرمينوهي سيمونيان وعام 2016 بقيادة المايسترو آندريه معلولي، وكنتُ أول عازف سوريّ وعربيّ يعزفُ على آلة الأكورديون مع فرقة سيمفونية فردياً، وكنتُ محظوظاً أنها كانت الفرقة السيمفونية السورية، كما شاركتُ كعضو أساسي في أوركسترا الموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله في حفلات عدة كعازف صولو، بالإضافة إلى مشاركتي أكثر من مرة في مهرجان العزف المنفرد الذي يُقام عادة في دار الأوبرا، وهي محطة مهمّة بالنسبة إليّ لأنها كانت المرة الأولى التي يعزف فيها عازف أكورديون عزفاً منفرداً من دون مرافقة آلة موسيقية أخرى، وأتت المشاركة بعد مشاركات عديدة لي في العزف المنفرد خارج سورية”.

ولأن آلة الأكورديون من الآلات المهمّة بالنسبة إلى الرحابنة، رافق وسام الشاعر الفنانة فيروز في مرحلة مبكرة من مسيرته، وعن هذه التجربة يحدثنا: “هي من أكثر محطات حياتي أهمية وأمتعها، حيث كان لي شرف المشاركة كعازف منفرد مع الفنانة فيروز في عشرات الحفلات في هولندا ولبنان وغيرهما، كما عزفتُ أيضاً عزفاً فردياً مع العديد من المطربين الكبار، في مقدمتهم الفنان وديع الصافي والمطربة جوليا بطرس والفنان كاظم الساهر”.

ومن المحطات المهمّة التي لا يمكن للشاعر إلا التوقف عندها وهي مساهماته في الموسيقا التصويرية: “أعدّ هذه المحطة من التجارب المهمّة في مسيرتي، لكوني ساهمتُ في أن يلعب الأكورديون دور البطل في الموسيقا التصويرية في الدراما السورية بعد أن كان صوت موسيقا الأكورديون مختفياً حتى عام 2005 ومن الأعمال التي سجلتُ لها موسيقا كانت مسلسلات مع الفنان إياد الريماوي “24 قيراط”، و”قلم حمرة”، و”فتّت لعبت”، ومع الفنان طاهر مامللي في “في ظروف غامضة”، والفنان إيهاب مرادني في “عابرو الضباب”، ومع الفنان أري جان في “أثر الفراشة” وغيرها.

منذ بداياته، لم يكتفِ الشاعر بالعزف بل أبحر في التأليف والتوزيع الموسيقي: “ألّفتُ قطعاً خاصةً بالأكورديون، منها “مقدمة أوغاريت” التي ألّفتها لأوركسترا أوغاريت، وهي أوركسترا أسّستها وتضمّ خيرة العازفين والموسيقيين في سورية، ومن المعروف أن التأليف لهذه الآلة صاحبة الخصوصية يحتاج لفهمها بشكل جيد ودراستها بشكل عميق، فهي آلة نوعية لها خصوصيتها في سورية والعالم، وهي من أكثر الآلات شعبية على مستوى العالم، ويسعدني أنه يتمّ تطوير واقع هذه الآلة من خلال معهد صلحي الوادي للموسيقا والذي يضمّ صفاً لتعليم العزف على آلة الأكورديون افْتُتِحَ على يد المايسترو آندريه معلولي حين كان مديراً للمعهد وكنتُ من المساهمين في افتتاحه، كما يسعدني اليوم اهتمام المعاهد التابعة لوزارة الثقافة في دمشق والمحافظات بتدريس الأطفال وتعليمهم العزف على آلة الأكورديون والعمل على إقامة ورشات عمل أشارك في بعضها لتأهيل مدرّسين لها”.

وعن الألقاب الكثيرة التي أُطلقت عليه يختتم الشاعر كلامه: “الألقاب تعني لي الكثير، وهي دافع كبير لأن أستمر بالمزيد من العطاء والتمرين والتأليف، وأتمنى من كل قلبي أن أكون جديراً بهذه الألقاب التي أُطلقت عليّ”.

يُذكَر أن وسام الشاعر مثّل سورية في المهرجان الثقافي الدولي للموسيقا السيمفونية في الجزائر عام 2022 كعازف صولو بمرافقة الفرقة السيمفونية الوطنية السورية، وكُرّم بدرع المهرجان، وأقام ورشة عمل لطلاب المعهد العالي الوطني في العاصمة الجزائرية، كما دُعي لمهرجان الموسيقا العربية في مصر وكُرّم عام 2009، وكُرّم من قبل تشيكيا عام 2008، ومن السفارة الروسية بدمشق عام 2015 في حفل صولو له بدار الأوبرا، كما دعته السفارة الروسية للمشاركة في العيد الوطني لجمهورية روسيا الاتحادية وكرّمته عام 2017 وفي عام 2022 شارك في مهرجان بعلبك الدولي، وعزف وسجَّل مع كبار المغنين والموسيقيين السوريين والعرب، منهم صباح فخري، وإلياس وزياد الرحباني، ووديع الصافي، وجوليا بطرس، ومعين شريف، وهاني شاكر.