دراساتصحيفة البعث

تصعيد إسرائيلي ضد الأمم المتحدة

د. معن منيف سليمان

قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إن حرب “إسرائيل” الكلامية على الأمم المتحدة تصاعدت من جديد بعد استهداف الجيش الإسرائيلي ثلاثة مواقع في لبنان يديرها جنود من قوات حفظ السلام التابعة للمنظمة الأممية.

ورأت الصحيفة أن “إسرائيل” التي تنخرط في صراعات على جبهات متعدّدة في الشرق الأوسط تتورّط في صراع مماثل ضد الأمم المتحدة، حيث أطلقت دبابة إسرائيلية النار باتجاه برج مراقبة في مقرّ رئيسي في مدينة الناقورة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “يونيفيل”. كما اتهم بيان “لليونيفيل” جنوداً إسرائيليين باستهداف قاعدة للأمم المتحدة عمداً، حيث أطلقوا النار على كاميرات مراقبة لمحيطها فعطلوها.

وعبّرت فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، وهي أكبر المساهمين الأوروبيين في “اليونيفيل” من حيث عدد الأفراد، في بيان مشترك عن “غضبها” بعد إصابة عدد من أفراد قوات حفظ السلام في القاعدة الرئيسية “لليونيفيل” في الناقورة.

وقالت الدول الثلاث في بيان مشترك: “تمثل هذه الهجمات انتهاكاً خطيراً لالتزامات “إسرائيل” بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 وبموجب القانون الدولي الإنساني”.

وبعيداً عن الميدان العسكري وقع اشتباك سياسي بين الكيان والمنظمة الأممية، فقد دعا قرار للجمعية العامة في أيلول الماضي الكيان الصهيوني إلى تفكيك المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، فضلاً عن قضايا ساخنة تتعلق بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب ضد الكيان وقادة صهاينة، وفي مقدمتهم رئيس وزراء الكيان “بنيامين نتنياهو” من اختصاص محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.

وتنظر “إسرائيل” إلى الأمم المتحدة بازدراء وتتهمها بالتحيّز ضدها، حيث خاطب “نتنياهو” الجمعية العامة للأمم المتحدة ووصفها بأنها “مستنقع من المرارة المعادية للسامية”.

وكان  وزير خارجية الكيان “يسرائيل كاتس” أعلن في هذا الشهر أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، “شخص غير مرغوب فيه”، ومنعه من دخول “إسرائيل” بعد أن أدلى ببيان يدين اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط.

وكان “غوتيريش” قد أثار حفيظة قادة الكيان عندما قال: إن “إسرائيل” شنّت منذ تشرين الأول الماضي حملة عسكرية في غزة تعدّ الأكثر دموية وتدميراً في سنوات خدمته أميناً عاماً”. وكشف “غوتيريش” أن “إسرائيل” رفضت مقترحاً أمريكياً فرنسياً لوقف إطلاق النار في لبنان، وصعّدت ضرباتها، بما فيها اغتيال السيد حسن نصر الله.

ولم تسلم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” من انتقادات إسرائيلية واتهامها بالتواطؤ مع الفلسطينيين، حتى إن السلطات الإسرائيلية سعت إلى إلغاء تمويل الوكالة وتقويض تفويضها الدولي في أعقاب هجوم 7 تشرين الأول 2023.

وقال غوتيريش إن منع المنظمة من القيام بعملها “الضروري” سيكون بمنزلة “كارثة في كارثة”، وحذّر المفوض العام “للأونروا” فيليب لازاريني من أن التحرك الإسرائيلي سيؤدي إلى انهيار النظام الإنساني بأكمله في غزة.

ومن جانبها وقفت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إلى جانب الوكالة الدولية، ودعت “إسرائيل” إلى تقديم المزيد من الأدلة التي تثبت بعض مزاعمها، وقالت: “نحن نعلم أن موظفي الأمم المتحدة و”الأونروا” مرنون للاستجابة الإنسانية في غزة، ويواجهون خطراً هائلاً في أثناء أداء عملهم”، في إشارة إلى الوضع الأمني الخطير في قطاع غزة.

ومؤخراً أدانت مارتينا هيرمينا أنطونيا، عضو في البرلمان الأوروبي، الصمت تجاه هجمات “نتنياهو” على “الأونروا” وعدم حماية بعثات العمل الأممية.

وبدعم أمريكي غير محدود ترتكب “إسرائيل” منذ 7 تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في قطاع غزة، خلّفت أكثر من 138 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل “إسرائيل” حرب الإبادة في غزة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة.