بعد استهداف الكيان الصهيوني للمناطق الصناعية.. تحرير الصناعة وتقديم الدعم في مقدمة الأولويات
دمشق – ميس بركات
فتحت الضربات الأخيرة التي استهدف بها الكيان الصهيوني بعض المناطق الصناعية ومعمل تجميع السيارات مواجع الصناعيين الذين ما زال أغلبهم في حالة ترميم وترقيع لمنشآتهم بعد سنوات الحرب، لتزيد هذه الاستهدافات من الأعباء الملقاة على الحكومة بشكل عام ووزارة الصناعة بشكل خاص، والتي يجب أن تزيد من مسؤولياتها بالمحافظة على ما بقي من صناعات وتأمين مستلزمات استمرارها في العمل والإنتاج، وتأهيل الشركات المتضرّرة وإعداد الدراسات الاقتصادية والفنية للمشاريع الجديدة، ووضع استراتيجية للمراحل القادمة، وفق ما يردد الصناعيون على مسامع الحكومة في كلّ اجتماع، ليؤكد ماهر الزيات عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها في تصريح لـ”البعث” أن الضربات التي استهدفت مناطقنا الصناعية ما هي إلا استمرار لسيناريو ضرب اقتصادنا الوطني، فعلى الرغم من محاولات القطاع المستمرة للبقاء حياً (اقتصادياً) تأتي ضربات الكيان الصهيوني للمعامل والمجالات الاقتصادية بتهمة مزيفة جاهزة دوماً حتى تبرّر للعالم المخدوع، والذي يسرّه هذا الخداع للوصول إلى مصالحهم الاقتصادية العالمية بتدميرنا وتحويلنا إلى مجتمعات مستهلكة وغير منتجة وضعيفة، مشيراً إلى ضرورة التنسيق بين الوزارات الجديدة لما يخدم الصناعيين، ولاسيّما ما يخصّ الضرائب وتخفيض سعر الكهرباء لإعادة تسهيل دخول الصناعي بقوة في السوق الداخلية والخارجية.
في المقابل وجد الصناعي عماد قدسي أن ما تعرّضت له المناطق الصناعية يفرض على الحكومة الجديدة الإسراع بتقديم الدعم للصناعيين المتضرّرين بقروض طويلة الأمد دون فوائد، وإعفاء مستورداتهم من كافة الرسوم ليستطيعوا الوقوف مجدداً بوجه التحديات التي يتعرّض لها بلدنا، والبحث عن أسواق خارجية لتصريف الفائض عن حاجة بلدنا من المنتجات.
كما أكد الصناعي محمد صباغ أن الاستهدافات التي حصلت على المعامل في حسياء وغيرها من المنشآت الصناعية هي إضعاف للبنية الاقتصادية والصناعية لسورية، ويؤكد استمرار ما بدأت به المجموعات الإرهابية في سنوات الحرب من سرقة وتدمير البنى التحتية للصناعة السورية لإضعاف القدرة الاقتصادية، خاصّة وأن الصناعة المحلية كانت ترفد الخزينة بأكثر من 27%، وبالتالي فإن هدف الكيان هو تقويض الصناعة والاقتصاد وزعزعة استقرار المنشآت التي رمّمت نفسها، الأمر الذي يفرض على الحكومة أن تبادر مباشرة بتقديم كلّ الدعم المالي عن طريق القروض الميسّرة بفوائد قليلة لاستعادة المنشآت التي تأثرت سواء بالضربات الأخيرة أو ما دمرته الحرب، لافتاً إلى أهمية التفكير بتقديم إعفاءات بالنسبة للضرائب المالية أو تخفيضها ودعم الصناعي الذي يحاول الدخول إلى الأسواق من جديد، لذا يجب أن تعمل الحكومة على تحرير الصناعة، وأن تخطو خطوة جديدة في رفع سوية الدعم لاستمرار المنشآت الموجودة وإعادة ترميمها، بالإضافة إلى استقطاب المستثمرين الجدد وإعطائهم حوافز.
ونوّه الصباغ بمطالباتهم المستمرة عبر وزيري الصناعة والكهرباء السابقين بأن يتمّ تخفيض سعر الكهرباء كرسوم، فاليوم سعر كيلو الكهرباء يصل إلى 1900 ليرة يضاف إليها 450 ليرة، الأمر الذي يزيد الأعباء على الصناعي وعلى سعر المنتج وتصريفه في السوق المحلي والخارجي، ناهيك عن ضرورة تبسيط إجراءات التراخيص التي تتمّ في المناطق الصناعية ومعاناة استيراد المواد الأولية والتي تتمّ بتخفيض المدد عبر المنصة لتحويل المال واستلامها واستيراد البضائع، فالصناعي اليوم في حالة إنهاك كامل كونه بحاجة إلى أكثر من رأس مال مقسّمة بين تثبيت البضائع وآخر لاستيراد البضائع، إضافة إلى المال الذي يوضع للمنصة، لذا نحن بحاجة لتسهيلات أكثر مرونة للصناعي كي يكون قادراً على تدوير رأسماله أكثر من مرتين في العام، إضافة إلى أهمية اعتبار كل المناطق الصناعية المتضررة في الحرب مناطق تنموية أسوة بغيرها وتقديم الحوافز والاعفاءات والمزايا نفسها التي أخذتها لتحقيق العدالة، وفيما يتعلّق بجذب المستثمرين لفت الصباغ إلى ضرورة توضيح قانون الاستثمار وإعطاء ميزات أكثر لجذب مستثمرين من الخارج الذين سيزيدون قوة صناعتنا أكثر.
واستهجن عامر ديب الخبير والاستشاري في قطاع النقل الأخضر استهداف الكيان الصهيوني معمل سيارات “سابا” بضرباته الأخيرة، مؤكداً أن الحرب الاقتصادية لا تقلّ خطورة عن الحرب العسكرية، وهذا ما تمّ العمل عليه خلال سنوات الحرب وما بعدها من زرع الشائعات وفرض العقوبات وزرع مضاربين لليرة السورية، وتفكيك معامل وسرقتها لصالح الغير، وكان آخرها استهداف معمل السيارات كرسالة توجيهية من العدو لاستهداف اقتصادنا لما ينجم عن هذه الضربات من تضخم وبطالة، كون صناعة السيارات تعتبر من أهم الصناعات الاقتصادية التي تتفاخر البلدان بها، لذا يجب على الحكومة أن تقوم بإجراءات استثنائية في ظروف استثنائية، وهذا يتمّ بالخطو باتجاه تحرير الصناعة بشكل عام، ولاسيّما ما يتعلق بهذا القطاع، والتي لا تؤدي إلى ارتفاع الصرف كما يُشاع بل العكس تماماً، إضافة إلى أهمية السماح باستيراد السيارات للقطاع الاستثماري ورفع سوق الحصة المحلية، وتشجيع القطاع البنكي لتقديم الدعم والتسهيلات لبيع السيارات، ومن ثم نبحث عن التصدير للسوق الخارجية، فقطاع النقل الأخضر مثلاً سوف يجذب استثمارات كبيرة تعوّض النقص في القطاعات الأخرى، كما أن تشجيع استيراد سيارات المشاريع السياحية والميكرو باص والمشاريع الاستثمارية سيؤدي إلى انخفاض في كلف الإصلاح التي ترهق خزينة الدولة بنسبة 70% وتوفر الوقود بنسبة 50% وهذا يخفّف عن كاهل الدولة في دعم المحروقات واستيراد قطع الغيار.