دراساتصحيفة البعث

أربعائيات.. الجديد في الصراع مع الصهاينة

مهدي دخل الله

منذ إنشاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، خاض العرب والصهاينة عدداً من الحروب، من أهمها: 1948، 1956، 1967، 1973، 1982، 2000، 2006، وأخيراً الحرب الحالية. في جميع الحروب السابقة، كانت المدن والقرى العربية تتلقى الضربات والتدمير، بينما كانت مستعمرات الصهاينة في أمان بعيداً عن ضربات الجانب العربي.

الحرب الحالية بين المقاومة والصهاينة سجلت تطوراً إيجابياً، وهو أن المدن والمستعمرات الإسرائيلية تتلقى ضربات موجعة، حيث لم يقتصر التدمير على الجانب العربي وحده.

لا شك في أن ما نتلقاه من تدمير في غزة ولبنان وسورية أشد مما تتلقاه مستعمرات العدو، لكن التحول في منطق الصراع في الميدان واضح تماماً، حيث لم تعد تلك المستعمرات بمنأى عن تلقي الضربات الموجعة..

كنا، في جميع الحروب السابقة، نتحمل الألم وحدنا، بينما كانت شوارع المستعمرات في فلسطين المحتلة آمنة نسبياً. تطور استخدام الصواريخ والمسيّرات لدى المقاومة جعل تلك المعادلة تتغير بشكل ملحوظ، وإن كان التدمير على الجانب العربي أشد بكثير من التدمير لدى الجانب الصهيوني..

يلاحظ المراقب أن التطور التكنولوجي في سلاح المقاومة، خاصة في المجال السيبراني (المعادل الثالث)، أدى إلى أن تكون مدن الصهاينة ومستعمراتهم جزءاً من ميدان الحرب، بعد أن كان الأمر يقتصر على مدننا وقرانا. هل ضاقت الفجوة التكنولوجية بين المقاومة والعدو؟ بالتأكيد ضاقت، بدليل أن الأخبار تتحدث عن مئات الآلاف من الصهاينة في الملاجئ، وإغلاق المطارات، وانقطاع الكهرباء، والحرائق، وغير ذلك من تأثير لسلاح المقاومة في العمق الصهيوني..

هذا التطور الإيجابي، على الرغم من كل الآلام التي نعاني منها، لا شك سيكون رادعاً في المستقبل لـ “إسرائيل”، كي لا تتصرف وكأن المنطقة ملعبها وحدها. إن هذا الردع الاستراتيجي سيكون عاملاً مهماً للقضاء على أسس العقلية الصهيونية القائمة على فرضية ضعف الجانب العربي وامتهانه. لن تكون “إسرائيل” بعد اليوم قادرة على الضرب حيث شاءت، ومتى شاءت، بسبب التطور في الردع العربي. صحيح أن الجانب المعتدي ما زال الأقوى تكنولوجياً وتسليحياً، لكن من الواضح أن هذه القوة لم تعد مطلقة  مقابل ضعف عربي مطلق اعتاد العالم عليه منذ نشأة الكيان..

الجديد الآخر تراجع دعم الرأي العام في العالم للصهاينة، خاصة في أوروبا الغربية. البعض يفسر هذا التراجع بأنه نتيجة لوصول معلومات حقيقية إلى الرأي العام الأوروبي عن الأوضاع في المنطقة. أنا أرى أن هذا التغير في موقف الرأي العام الأوروبي سببه هذه القوة العربية المتطورة لدى المقاومة. ذلك أن الثقافة الأوروبية تحترم القوي وتعجب به، بغض النظر عن الحقوق والعدالة، وغير ذلك من الأمور.