رأيصحيفة البعث

أياً يكن الرئيس!!

علي اليوسف 

لا نجامل إذا قلنا بأن أياً من سيفوز في الانتخابات الأمريكية لن يشكّل سابقة تاريخية لسورية ما دام النهج واحداً باختلاف الأسماء. هذه النظرة الثابتة لم تأتِ عن عبث، بل أتت نتيجة سلوك الإدارات الأمريكية تجاه سورية التي لطالما أثار تواجد قواتها جدلاً حول شرعية وجود تلك القوات هناك من الأساس، سواء كانت تلك الأصوات داخل الولايات المتحدة أو في البلدان التي توجد فيها قواعد للقوات الأمريكية.

قبل نحو 10 أعوام، تمكّن التنظيم الإرهابي “داعش” من السيطرة على مساحات من الأراضي السورية بتسهيلات أمريكية، وفي لعبة التكتيك خلقت الولايات المتحدة عدواً مفترضاً لزرع الفوضى وتبرير التدخل، ودعمت وسلّحت ودرّبت قوات “قسد” الانفصالية العميلة، التي لعبت دوراً جوهرياً في خلق الفوضى والسيطرة على منابع النفط.

وقد تفاوت عدد القوات الأمريكية في سورية منذ ذلك الحين، وبلغ نحو 2000 جندي في نهاية عام 2017 وفقاً لوزارة الدفاع الأمريكية. وأعلن الرئيس السابق دونالد ترامب سحب معظم الجنود الأمريكيين من الجزيرة السورية في عام 2019، مع الإبقاء على بعضهم لتأمين المنشآت النفطية. وحالياً، لا تزال هناك بعض القوات الأمريكية في المناطق الخاضعة لسيطرة عملاء “قسد” ، ومن بينها محافظتا الحسكة والرقة، كما تحتل الولايات المتحدة منذ عام 2016 على قاعدة التنف غير الشرعية الموجودة عند المثلث الحدودي العراقي الأردني في محافظة حمص.

ووسط تطورات الحرب، تبقى كلّ الاحتمالات مطروحة، نظراً للتباين الحاد في مواقف وآراء هاريس وترامب تجاه الصراعات الجيوسياسية في المنطقة. من هنا لا يوجد سوى “القليل من الأمل” في أي من المرشّحين الأمريكيين، فالفرق هو أن كامالا هاريس ستكون أكثر حساسية تجاه تغيّر الرأي العام الأمريكي، خاصةً أن الشعور السائد هو أن الولايات المتحدة أخفقت بشكل كبير في حماية القانون الدولي، وعليه إذا فازت هاريس، فإن الاتجاه سيكون من الأسفل إلى الأعلى، أما الوضع في حالة فوز ترامب فسيكون الاتجاه من الأعلى إلى الأسفل. وهذا يؤكد أن هاريس ستكون أقرب إلى المواقف الحزبية التقليدية الأمريكية بشأن السياسة الخارجية في الشرق الأوسط، بينما سيكون ترامب غير متوقع، ومتردّداً في إشراك أمريكا في الصراعات الخارجية، وعرضة لإبرام اتفاقيات عشوائية.

وبالتالي فإننا أمام مدرستين في السياسة، فـ هاريس تمثل المدرسة الحذرة للغاية مقابل ترامب الذي يمثل المدرسة الاستعراضية، لكن في كلتا الحالتين لا ترامب ولا هاريس يتمتعان بميزة سياسية واضحة فيما يتعلق بالوضع في سورية والمنطقة، وهناك بعض علامات الضعف بشأن هذا الوضع، لذلك ربما تشتدّ الأعمال العدوانية الإسرائيلية وتقوى بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ومن شأن هذا السيناريو أن يُغرق المنطقة في قدر أكبر من عدم الاستقرار، وعندها سيتقرّر ما إذا كان الرئيس الأمريكي الجديد قادراً على الحلّ، أم سيكون مجرد غطاء للجنون وخرق القوانين الدولية؟