سامي العلبي والتصوير المفاهيمي للفضاء البانورامي
غالية خوجة
تطوّر فن التصوير مع أدواته المعاصرة، لكن العين المبدعة هي التي توظّف عين العدسة لإنجاز أعمال تصويرية فنية مميزة، تبدو وكأنها لوحات خرافية أو فانتازية، لماذا؟ لأنها تلتقط من جماليات الواقع أبعادها الخفية أيضاً، فيحضر الغائب من التص المجسّد، وهذا ما تفعله البصيرة لقليل من المبدعين في كلّ المجالات، ومنها مجال التصوير، وهذا ما عكسه الفنان السوري الموطن، المصري الولادة، المقيم في الإمارات العربية المتحدة، والذي حاز عن عشقه لتصوير الفضاء والفلك والصحراء والسماء العديد من الجوائز العالمية والعربية، وآخرها “جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم للتصوير الضوئي” فئة “مصور العام”، ومعيارها “المصور الظاهرة”، وهي فئة مستحدثة، وينالها لمرتها الأولى المصور الفلكي سامي العلبي، المدير الهندسي في مجال إدارة المشاريع الهندسية، والذي تعدّ أعماله التصويرية خلفية لأنظمة تشغيل أكبر شركات العالم مثل “آبل” و”ميكروسوفت”، بالإضافة إلى تصدّر أعماله لأغلفة الكثير من المجلات العالمية.
الملفت، أنه بدأ تصوير السماء منذ عام 2011، متنقلاً بين مصر والجزيرة العربية، خصوصاً، طبيعة الإمارات المتنوعة التي جذبته بإيقاعاتها إلى الرمال والجبال والأودية والسماء التي تأخذه إلى نجومها وسدائمها ومجراتها، فيصوّر بإحساسه الروحي هذا العمق المسبّح بعظمة الخالق، وذلك، بعدما يخطّط لالتقاط الصورة من حيث التوقيت الزماني المناسب، والاتجاهات المعينة للأجرام، والمكان الأنسب للالتقاط، مستنداً إلى العلم والفن والتأمل والصبر، وإلى التفكير بمشاريع منها توثيق فني ثقافي للسماء من أرض الجزيرة العربية، من خلال تكنولوجيا الواقع الافتراضي والفاصل الزمني.
أعمال الفنان العلبي تحكي قصصها الفلكية، بالإضافة إلى قصصها الطبيعية من مكانية وبيئية ونباتية وحيوانية، عبْر الليل والنهار وتوالي الفصول، لكنّ المحور المتعلق بالفضاء يشكّل عالماً من الإيحاءات والتداعيات والتأملات الصافية البعيدة عن ظروف الأرض الضاغطة، وإيقاع الحياة الزائلة، وهذا بحدّ ذاته، يؤكد تماهيه مع محاولة معرفة الذات والعالم والكون، واعتماده على توظيف فنيات التجريد والمنمنمات والفراغات، توظيفاً متشابكاً يتضح في لقطاته للسماء، وتحديداً، البانورامي منها، مما يمنح المتلقي حالة من الدهشة المتسائلة: هل هذه لوحة؟ أم صورة؟.