نهج حكومي جديد
غسان فطوم
تشير معطيات الواقع اليومي إلى أن حكومة الدكتور محمد غازي الجلالي خلال الفترة القصيرة الماضية من عملها استطاعت أن تخرج من عباءة الأداء النمطي الذي كان علامة فارقة في طريقة معالجة الملفات الساخنة، ولاسيما ما يتعلّق منها بالشأن الاقتصادي والمعيشي، والذي تجلّى بانعدام البحث الجاد عن الحلول الناجعة للمشكلات العالقة.
اليوم الشفافية والمكاشفة والواقعية التي تتعامل بها الحكومة تركت انطباعاً إيجابياً عند الشارع السوري الذي ما زال يعاني من آثار القرارات التي كانت في أغلبها تُتخذ دون دراسة مسبقة لمبررات إصدارها وتأثير مفاعيلها، التي غالباً ما وضعتنا أمام تحديات تصعب مواجهتها في ظلّ ظروف داخلية وخارجية غير مريحة.
رؤية الحكومة اليوم والتي تؤكدها في كلّ اجتماع أسبوعي هو العمل وفق “منهجية عمل واضحة وفاعلة تتضمن تحليل الواقع ووضع الرؤى والأهداف والتدخلات المناسبة لضمان حسن التنفيذ والتقييم”.
ولعلّ من تابع تفاصيل اجتماع رئيس الحكومة مع أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال (على سبيل المثال لا الحصر) يلمس بوضوح هذا التغيير الإيجابي في تشخيص “العلة” من مختلف جوانبها، والبحث الجدّي عن الدواء الناجع وليس المسكنات عديمة الفاعلية، المعتمدة على وعود خلبية، حيث أشار “الجلالي” إلى أن هناك “سياسات عامة متراكمة منذ خمسينيات القرن الماضي لم تعد قابلة للاستمرار، ويجب العمل الآن لإنتاج سياسات تلبي احتياجات الواقع المعقّد والصعب”.
هذا الكلام الواقعي أطرب ممثلي النقابات العمالية وهم يسمعون أن هناك “ثمة طروحات جديدة وجريئة ستتطال القطاع الصناعي والقطاع الإنشائي وغيرهما من القطاعات التي يجب تغيير مقاربة دور القطاع العام فيها، أين هو الآن.. وأين يجب أن يكون؟”.
بالمختصر، ثقب الأمل يتسع، فالأفكار والرؤى الجديدة والمكاشفة الجريئة بروح المسؤولية العالية التي تضع النقاط على الحروف وترسم مساراً استراتيجياً للحلول الإبداعية هو ما كنّا نحتاجه، لأن المقاربة التقليدية للأمور لم تعد تجدي نفعاً، فنحن بحاجة إلى أفكار وحلول إبداعية لنصل بالنتيجة إلى الهدف التنموي المنشود بعيداً عن الشعارات والتسويفات والحلول الترقيعية التي عطّلت سير قطار التنمية بهدرها للموارد الاقتصادية والبشرية، بل وحوّلت سورية من دولة منتجة إلى مستوردة رغم ما تملكه من موارد ضاعت بفعل سوء التدبير بغياب الإدارة الناجحة والإرادة القوية وقلة الثقة بكفاءات وخبرات أبناء البلد وخيراته!.