أخبارصحيفة البعث

هل سيغير ترامب سياسته في الولاية الثانية؟

سنان حسن

عاد الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد فوزه على الديمقراطية كامالا هاريس، ليبدأ فترة رئاسية جديدة وسط انقسامات حساسة ومخاوف كبيرة حول مستقبل السياسة الأمريكية، فالفوز الترامبي بهذه الولاية جاء بعد حملة كبيرة ركزت على شعارات “أمريكا الجديدة”  و”أمريكا أولاً” والتعهد بإنهاء الحروب في الخارج، مما ساهم في حشد قاعدة جماهيرية كبيرة له من المؤيدين، الذين صوتوا وبكثافة لترامب مكنته من الفوز في ولايات متأرجحة كانت لفترة طويلة تدين بالسيطرة للديمقراطيين.

فوز ترامب كان محط أنظار العالم، وربما شكل حالة من الخوف والهلع، وبالتحديد ما سيقوم به في ولايته الثانية، بداية من الداخل والخوف من الانتقام الذي سينفذه تجاه خصومه بعد خسارته في الانتخابات السابقة، وما تلاها من أحداث واضطرابات وصلت إلى حد محاكمته ومحاولة حرمانه من الترشح للانتخابات، وليس انتهاءً عند السياسة الخارجية، حيث يتخوف حلفائه بالدرجة الأولى من المضي قدماً في سياسته السابقة التي طالبهم بها بدفع الأموال وتحمل الأعباء الكبيرة بدلاً من أمريكاً، ولعل تهديده بالخروج من الناتو مثال على ذلك.

تقليدياً، يكون الرئيس الأمريكي في ولايته الثانية أكثر مرونة في اتخاذ خيارات واسعة من القرارات التي كانت تقيده خلال فترة الرئاسة الأولى، مما قد يسمح له بالتركيز أكبر على ترسيخ إرث سياسي خاص به، فالرئيس بيل كلينتون، مثلاً، حرص في ولايته على دفع مسار السلام في الشرق الأوسط، والتقى بالقائد المؤسس حافظ الأسد في عدة مناسبات قبل أن يزور دمشق لتحقيق ذلك، والأمر عينه مع الرئيس باراك أوباما، الذي أنجز الاتفاق النووي مع إيران على الرغم من كل الضغوط الجمهورية والإسرائيلية في حينا، ولعل في إعلانه استبعاد مايك بومبيو الذي شغل وزير الخارجية في ولايته الأولى،  ونيكي هيلي مندوبة واشنطن في مجلس الأمن  من العمل في إدارته الجديدة ما يوحي بتغيير ما في سياسته الخارجية.

الرئيس ترامب وعد بالتركيز في سياسته على “أمريكا أولاً” وإنهاء الحروب بالكامل التي تتورط فيها الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن شخصيته المتوترة والمعقدة والانفعالية، قد لا تكون عاملاً مساعداً في سبيل الوصول إلى ذلك، وعليه في ظل الظروف التي يعيشها العالم والمنطقة على وجه الخصوص، فإن الرهان اليوم ينطوي بشكل كبير على ما يريد ترامب في ولايته الثانية، هل ستسيطر عقلية رجل الأعمال والصفقات على نهجه السياسي كما فعل في الولاية الأولى، أم سيكون لديه تصور آخر؟ ماذا عن إيران وبرنامجها النووي، والصين وصعودها الهائل؟، هل سينهي الحرب في أوكرانيا على حساب شركائه الغربيين الذي مازالوا مذهولين بعودته إلى البيت الأبيض مجدداً؟، والأهم ماذا عن الشرق الأوسط وملفاته الساخنة؟، فالحروب الإسرائيلية ممتدة من غزة إلى لبنان، هل سيكون قادراً على إيقاف عربدة نتنياهو الذي تباهى بعودة “الصديق الوفي” إلى البيت الأبيض؟.

أمام كل ذلك يبقى السؤال: هل سيتحرر ترامب الجديد من السياسة التقليدية ويبتعد عن الحروب والصراعات التي عرت أمريكا أكثر وأكثر في العالم، أم أنه سيبقى أسير السياسات التي لطالما انتهجها الجمهوريين والديمقراطيين في العالم مع بعض الرتوش الصغيرة لكل منهما؟.