صحيفة البعثمحليات

استيراد الحطب لم يوقف عمليات التحطيب.. والقوانين “حبر على ورق”!

دمشق – ميس بركات

لم يكن وقع تأخر الحكومة بفتح باب توزيع مخصّصات المواطنين من مازوت التدفئة “الخمسين ليتراً” سلبياً على أهالي الريف والمناطق الجبلية، خاصّة وأن هذه الكمية لا تكفي لإشعال الحطب الذي هو الآخر بات من المنسيات في الكثير من المنازل الريفية بعد أن تجاوز سعر الطن من بعض الأنواع منه الـ6 ملايين ليرة، إذ باتت تجارة الحطب ملعباً لأغلب سكان المناطق الجبلية التي تشهد اليوم زحفاً “بالموتورات” لم تشهده أشهر الصيف، فشحّ المحروقات بعد انخفاض معدل تهريبها من لبنان ونشاط تجارة الحطب بعد ارتفاع سعرها فتح عين العاطلين عن العمل من أبناء القرى على هذه الظاهرة بعد رواج سوقها ودسّ المال بجيوبهم من قبل تجار الحطب، الأمر الذي جعل القرارات والقوانين الصادرة عن وزارة الزراعة بهذا الخصوص مجرّد حبر على الورق في الكثير من الغابات التي استُبيحت من مافيات الحطب خلال الأعوام الأخيرة وقاموا “بحلاقتها عالناعم” عاماً تلو الآخر.

وعلى الرغم من تنفّس الكثير من المواطنين الصعداء مع صدور قرار من وزارة الزراعة بالسماح باستيراد الحطب بهدف تلبية احتياجات التدفئة في ظلّ شح المازوت، وتوفير الحطب في الأسواق المحلية بأسعار واقعية بعيدة عن أيدي تجار الحطب، إلّا أن الواقع لا زال إلى اليوم يُترجم عكس المأمول، وخاصّة مع عدم تقديم أي تاجر حتى اليوم لأي إجازة استيراد، بحسب ما أكدته وزارة الزراعة، الأمر الذي يؤكد عدم وجود أي مصلحة للقطاع الخاص باستيراد “حطبة واحدة” في ظل التحطيب الجائر والمتزايد، وعدم استطاعة الجهات المعنية رغم كل القرارات والقوانين السيطرة المُطلقة على الكمّ الكبير من المخالفات الحاصلة يومياً، ليؤكد عبد الرحمن قرنفلة ” المستشار الفني في غرف الزراعة” في تصريح لـ”البعث” أن قرار استيراد الحطب يأتي في إطار محاولات الحدّ من التعدي على الغابات وتوفير مصدر طاقة للتدفئة على أبواب الشتاء، لافتاً إلى أن استيراد الحطب ليس من العوامل المشجّعة للعاملين في هذا النشاط نتيجة عوامل معقدة تساهم برفع سعر مبيع الحطب الوارد بشكل كبير، ولاسيما تكاليف النقل الداخلي، إضافة إلى شروط الحجر الزراعي ومخاطر رفض الحطب المستورد.

قرنفلة تحدث عن أهمية الحفاظ على الغابات عن طريق التفكير بشكل غير تقليدي، كذلك لا بدّ من البحث عن أسباب حرائق الغابات ودوافع من يفتعل الحرائق، وتوليد حلول منطقية وواقعية لها وتشديد الرقابة على تجارة الفحم والحطب وإنفاذ القوانين بشكل حاسم، ومن المفيد العودة إلى مخرجات ملتقى القطاع الزراعي الذي نفذته وزارة الزراعة على مدى أشهر عدة وتدقيق المقترحات التي تضمنها في مجال الحدّ من حرائق الغابات، كذلك لا بدّ من الاستفادة من تجارب الدول الأخرى مثل الجزائر، حيث ثبت أن نشر زراعة الصبار على شكل صفوف بين مساحات الغابات كان له تأثير فعّال في وقف زحف النيران وامتدادها نظراً لخصائص الصبار وتركيبة أوراقه، والأهم من كلّ ذلك نشر ثقافة الحفاظ على الغابات من خلال برامج إعلامية مختصة ومستمرة.