مجموعة العشرين G20 بين الادعاءات السياسية والالتزامات الاقتصادية
أ. د: حيان أحمد سلمان
عقدت مجموعة العشرين G20 وليومي 18-19/11/2024 قمتها /18/ في العاصمة البرازيلية (ريو دي جانيرو)، وحضرت القمة وفود من /40/ دولة، والمجموعة تعتبر من أكبر المجموعات الاقتصادية الدولية في العالم، وتتكوّن من /19/ دولة وهي [الأرجنتين- أستراليا- البرازيل- كندا- الصين- فرنسا- ألمانيا- الهند- إندونيسيا- إيطاليا- اليابان- جمهورية كوريا- المكسيك- السعودية- جنوب إفريقيا- روسيا- تركيا- المملكة المتحدة- الولايات المتحدة الأمريكية] وهيئتان إقليميتان هما (الاتحادان الأوروبي والإفريقي)، وهي تشكل أكثر من /85%/ من قيمة الناتج الإجمالي العالمي، أكثر من /75%/ من التجارة العالمية، وتضمّ أكثر من /67%/ من سكان العالم، وتأتي قمتها الحالية وسط توترات دولية وحروب وتغيّرات جيوسياسية كبيرة، ومن هنا وصفها الأمين العام للأمم المتحدة السيد (أنطونيو غوتيريش) بقوله إنها (أوقات مضطربة)، وطالب القادة في قمتهم بأن يكونوا قدوة للآخرين، وأن يستخدموا نفوذ دولهم (الاقتصادي والسياسي) لمواجهة التحديات الدولية المشتركة، ومنها [إنهاء الحروب وتحقيق السلام العالمي وفوراً في (غزة ولبنان)، وحماية حقوق الإنسان والإفراج عن المختطفين ومكافحة الفقر ومعالجة الديون، وتشكيل منتدى اقتصادي لمكافحة الفقر والجوع وتحقيق الأمن الغذائي، وانضمت إليه /82/ دولة ومنظمات دولية وبنوك تنموية، وتحسين الإرادة السياسية الدولية في استثمار الطاقات المتاحة، لأن توسّع دائرة الجوع ليس بسبب نقص الموارد بل بالسياسات الخاطئة، ويتطلّب هذا جهوداً دولية مشتركة، خاصة وأن عدد الجياع في العالم يزداد، فأكدت الإحصائيات الدولية الأخيرة أن /733/ مليون إنسان في العالم واجهوا خطر الجوع سنة /2023/ أي بنسبة /10%/ من سكان العالم، ومنهم أكثر من /50%/ في قارة آسيا، وفي قارة إفريقيا أن أكثر من /20%/ يعانون من الجوع!.
وطالب الأمين العام أيضاً بتقليل بؤر التوتر للوصول إلى مجتمع أكثر أمناً وأماناً وسلاماً، وتطبيق القرارات الدولية مثل (حلّ الدولتين في فلسطين) وإنهاء الحرب في الشرق الأوسط، وإصلاح ميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وتنفيذ القرارات وتحقيق المساواة الدولية واعتماد سياسات مناخية أفضل لمواجهة الكوارث الطبيعية المستقبلية، والمحافظة على المناخ والطقس وتقليل الانبعاثات الغازية السامة بحدود /9%/ حتى سنة /2030/ والاحتباس الحراري والتصحر وانجراف التربة وتدهور الأراضي الزراعية بنسبة /50%/ حتى سنة /2040/، وتنفيذ قرارات مؤتمر المناخ في أذربيجان سنة /2024/ ولاسيما أن دول المجموعة مسؤولة عن أكثر من /80%/ من غازات الاحتباس الحراري، وأن مؤتمر المناخ القادم سيُعقد في البرازيل (كوب 30) لتحقيق التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر ودعم الزراعة في الدول النامية (الزراعة المستدامة)، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والتوجّه للطاقات البديلة المتجدّدة وإصلاح المنظمات الدولية والنظام المالي العالمي وعلى أسس الشفافية، وخاصة في دول الجنوب الغنيّة ومساعدة الدول النامية الفقيرة ذات المستويات التنموية المنخفضة، والاستخدام الأمثل للذكاء الصناعي بما يخدم التنمية البشرية… الخ]، وطالب الأمين العام بوضع خطط طموحة وتمويلها لأن [التمويل يغذي الطموح].
وتجدرُ الإشارة إلى أن رئيس الوفد الروسي السيد (سيرغي لافروف) وبتكليف من الرئيس (فلاديمير بوتين) وهو الغائب الحاضر طالب بزيادة تمثيل (دول الجنوب النامية في المنظمات الدولية) من خلال تعزيز دورها في صياغة وصناعة القرارات الدولية، وقال إننا سعداء بتشكيل تحالف عالمي لمكافحة الجوع والفقر من خلال فرض ضرائب أعلى على أثرياء العالم، وللغرابة أن أمريكا وهي أكبر اقتصاد عالمي وناتجها الإجمالي بحدود /28000/ مليار دولار حسب تقديرات (صندوق النقد الدولي) لسنة /2024/ اكتفت وعلى لسان الرئيس (جون بايدن) بتقديم دعم لصندوق المؤسّسة الدولية للتنمية التابع للبنك الدولي مبلغ /4/ مليارات دولار فقط لا غير؟!، واعتبرت هذه المساهمة هي الأعلى في تاريخ أمريكا؟!، ورغم هذا فقد أكد أحد المسؤولين الأمريكيين أن هذه المساعدة لا تلزم الإدارة الجمهورية القادمة بتنفيذها؟!، واكتفت كوريا الجنوبية بتقديم /606/ ملايين دولار؟!، وأكد الكثير من الاقتصاديين الدوليين أنه يجب أن يخصّص للصندوق أكثر من /1000/ مليار دولار؟!، كما أن مواقف الدول الأوربية وخاصة (ألمانيا وفرنسا) مستغربة، حيث حاولتا توجيه القمة بما يخدم توجهاتهما السياسية والعمل لإدانة (روسيا) بسبب عمليتها الخاصة في أوكرانيا، ولاسيما بعد أن تجاوز رئيس القمة (لولا دي سيلفا) هذه الإشكالية، وهنا نسأل هل تنتصر الاعتبارات الاقتصادية الدولية على المواقف والمصالح والإجراءات السياسية لدول الاستعمار القديم والحديث، وأشكّ أن تنفذ أمنيات ورغبات الأمين العام للأمم المتحدة!.