النحل السوري يعاني فقدان الطوائف وجفاف المراعي واختلاف المعايير الموحدة للجودة في المختبر!
ميادة حسن
يتمتّع النحل السوري بالسمعة الحسنة عربياً وعالمياً، وذلك لأسباب عديدة تتعلّق بجودة المنتج وخصوصية المرعى الذي يعيش فيه، حيث التنوع النباتي، فهو يمتاز بنوع البيئة الزهرية التي يتغذى عليها العسل “جبلية وساحلية وبيئة أزهار المحاصيل المزروعة”، إضافة إلى أن النحالين السوريين يعتمدون على الطرق العلمية والخبرة المتوارثة في عملهم وهم جديرون بتحقيق هذه السمعة الطيبة، خاصة وأنهم حقّقوا الاكتفاء الذاتي من مادة العسل واستطاعوا توفير فائض منه لتلبية حاجة المستهلك وكذلك التوجّه نحو التصدير.
التأثر بالمناخ
لكن رغم ما سبق يواجه النحالون حالياً مشكلات جديدة ومختلفة تقف أمام تحقيق أهدافهم وغاياتهم المتعلقة بمستوى الجودة والتميّز لمنتجهم وقدرتهم على المنافسة في الأسواق العربية والدولية، وبحسب رئيس لجنة النحالين بغرفة الزراعة بدمشق الدكتور بسام عطار فإن التغيّرات المناخية التي ما زالت تسود الشرق الأوسط عامة وسورية خاصة أثرت على معدل الأمطار وانتظامها، بالإضافة إلى حركة الرياح الشديدة.. كل ذلك سبّب تغيراً بالغطاء النباتي وأثّر على حركة سروح النحل والاستفادة من رحيق الأزهار بالشكل الأمثل، إضافة إلى ارتفاع نسبة الرطوبة عند قطاف العسل والتي تؤدي لحدوث تخمرات به، وهنا يكون محتوى الخمائر مرتفعاً جداً، وكذلك نسبة الغليسرول والبوتانيدول والإيثانول، الأمر الذي يتوجب وضع مواصفات قياسية حديثة للعسل السوري، من أجل التوجّه نحو التصدير ومنافسة المنتجات في الأسواق.
تقارير مختلفة
وشدد عطار على إعادة النظر بالمواصفات القياسية السورية لتحديثها بما يتلاءم مع المواصفات العالمية، إذ يوجد العديد من المركبات الموجودة في العسل لم تلاحظها المواصفة السورية وموجودة في المواصفات العالمية أو تكون بمجال مفتوح، مشيراً إلى معاناة النحالين أثناء قياس جودة العسل، حيث تختلف المعايير بين مختبر وآخر، ففي بعض الجهات تختلف نتيجة القياس والمعايير مقارنة بجهات أخرى، وهنا يتعرّض النحال إلى تقارير لا تتناسب مع معايير التصدير، وبالتالي يواجه خسارة كبيرة بعد التجهيز والتحضير ،لذلك لا بدّ من توحيد المعايير في جميع المختبرات التي تعطي النحال تقرير الجودة.
عراقيل العمل
كما يعاني النحال السوري، بحسب عضو المكتب التنفيذي رئيس مكتب الثروة الحيوانية، معين جاد الله، من صعوبات أخرى تتعلق في التنقل والترحيل التي لم تجد طريقها للحل حتى الآن، إضافة لارتفاع تكاليف الإنتاج من شمع وأدوية وعلاجات مقارنة بأسعار العسل المسوق، حيث وصل سعر الشمع الخام حتى تاريخه إلى 150 ألف ليرة، عدا عن المعاناة من تناقص أعداد طوائف النحل كل عام، وبما يُعرف بظاهرة فقدان طوائف النحل والتي من أسبابها المحتملة النوزيما، وجفاف المراعي الذي أجبر النحالين للعودة المبكرة لمناطق التشميع، واللجوء للتغذية السائلة ومكافحة الفاروا مبكراً، كما يواجه النحالون انخفاض القيمة الشرائية للمستهلك من العسل المطروح وانخفاض أسعاره لعدم وجود أسواق داخلية وخارجية له، ودعا جاد الله إلى إعادة تنشيط مهرجان العسل والمشاركة بالمعارض المحلية ودعم المنتج المحلي في الأسواق الخارجية.
مشكلات التسويق
وبحسب جاد الله، هناك بعض المؤشرات التي تستخدم للكشف على وجود غش بالعسل في حال إضافة السكريات، وعبر هذه المؤشرات تبيّن أن النحالين يواجهون عمليات التسويق للعسل المغشوش، وأوضح أن مجموعات العسل التي تحضر بشكل غير قانوني تنقسم إلى فئة غير ناضجة بسبب التخمّر وفساد العسل والارتفاع في نسبة رطوبته، وهناك نوع عسل تمّ تسخينه مما سبّب خسارة في انزيم الدباستاز، وبيّن أن هناك من يغش في أغذية النحل أثناء المرعى، أي عسل مغذى بالمحاليل السكرية، وهذا غير مقبول لأنه ناتج عن محاليل سكرية وهو غش لعينة كاملة، وأشار إلى أن بعض حالات الغش تعود إلى جهل النحال أو عدم إدراك العمل على تصحيح مسارها، إضافة إلى ذلك انتشار العسل المطبوخ والذي يباع على أرصفة الشوارع ويحمل ألواناً ومنكهات وماركات مزوّرة أو بدون بطاقة بيان، وهذا يعتبر أخطر أنواع الغش على صحة المستهلك وللأسف يترافق بعروض مغرية على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، ويقول جاد الله: نحن نعمل على محاربة كلّ وسائل الغش وإيجاد الطرق المناسبة للوصول إلى أماكن تصنيعه بالتعاون مع مديريات التموين والجهات المعنية لكشف الباعة الذين يستغلون حاجة الناس للعسل وبيعهم المغشوش واستغلالهم.
جهد مضاعف
رئيسةُ دائرة النحل والحرير بمديرية وقاية النباتات، المهندسة إيمان رستم، تحدثت عن مهارة النحالين السوريين وقدرتهم على تحويل العسل من مادة خام إلى منتجات مختلفة علاجية وتجميلية، وهو ما يعتبر قيمة مضافة لعملهم كتصنيع السكاكر بالعسل والعكبر والشامبو والكريمات المتعلقة بالصحة والجمال واستخدام العسل في صناعة الحلويات المتنوعة، أما سم النحل فيستخدم لمعالجة مشكلات صحية مستعصية، لأن العكبر يعتبر مضاداً حيوياً، وتوضح المهندسة رستم أن هذا النشاط يقف أمام تعثرات كبيرة تتعلّق بالتسويق والمنافسة، وهي مرتبطة جداً مع عدد من المشكلات التي تواجه الجمعيات التعاونية من حيث عدم توفر نقل بالسرعة الكلية من المنتج إلى المستهلك وبالوقت المحدّد، وغياب رأس المال الذي يفي بالغرض، وأخيراً روتين الأوراق والدوائر الحكومية!