مدين رحال: الجولان منهل أساس لشخصيتي وأنشر تراثه زجلاً
هويدا محمد مصطفى
شاعر متفرد بلغته الشعرية وقصيدته الزجلية فمن ذكريات الجولان المحتل إلى دمشق الحاضرة بعبق التاريخ بدأت مسيرته الأدبية في المسرح والشعر المغنى أو الزجل لتصدح حنجرته بألوان الشعر الجميل فكان التراث والوطن أجمل محطات إبداعه.. يقول الشاعر مدين رحال: “كان الجولان وما يزال المنهل الأساس لشخصيتي، لقد علمتني مرارة النزوح وفقدان الوطن إلى النزوعِ للتعبير عن هذا الفقدان في تبني سياسة جديدة في حياتي، إذْ وضع أمامي استراتيجية أساسية قوامها نشر ثقافة تُراث الجولان من خلال أعمالي الثقافية في حقل الشعر المُغنى، الزجل، فقد تدربت على أوزان الشعر الزجلي بشكل سليم وتعلمت جميع العروض الشعرية وتقطيعها على يد الشاعر الكبير الأستاذ طلال مطانس عكو”.
ويصف رحال طبيعة الجولان الخلابة الجميلة مع عادات وتقاليد أهل الجولان، يقول:
ياجولان اللي راسخ في خيالي
أنا ابنك وفيك بشوف حالي
عاشوا فيك أجدادي الأبايا
وكانوا عالبساطة والأصالة/ي
صرت اسأل عن الناس السخايا
اجا التاريخ جاوب عاسؤالي
خبز تنور ع كفوف الطرايا
بمعجن خير طايف عالأهالي
وفي مقطع آخر:
جولان باقي بالقلب يانورنا
مهما اليهود يعوكروا منتورنا
نحنا شعب صامد عظيم حضورنا
ومعجن كرامة من خبز تنورنا
إذاً.. كانت البداية الأولى من خلال المدرسة والأنشطة الثقافية المرتبطة برواسب هذا الفن الذي تميز فيه الجولان السوري المحتل ـ قرية سكوفياـ، يوضّح رحال: “ترعرعت في كنف بيئة ثقافية تعشق العلم والمعرفة، منذ نعومة أظفاري كنت مولعاً بالشعر والغناء والموسيقا؛ ولاسيما الزجل الذي نما وتأصل في بلاد الشام، وقد تأثرت بجوقة الزجالين في المدرسة اللبنانية كثيراً، وصقلت موهبتي الطبيعة الخلابة في منطقة دمر، إذْ كانَ لنهر بردى وخرير مياهه العذب وأشجاره البديعة وطيوره المولعة بالغناء الدور الأبرز في عشقي للشعر على وجه العموم والزجل على وجه الخصوص، وكانت لي هناك محاولات مع الشعر الفصيح، لكن لم يكتب لها النجاح، إذ إني آنذاك لم أحظى بدعم معنوي من البيئة الحاضنة”.
وعن سؤالنا حول كتابته لشعر الزجل وهل له عروض وأوزان كالقصيدة العمودية يضيف رحال: “نعم شعر الزجل له عروض وأوزان كما الفصيح تماماً ويختلف عن الشعر الفصيح أنه يُلقى أو يُغنى باللهجة العامية على سبيل المثال أذكر بعض أوزان الزجل: القصيد الطويل على بحر الوافر تُنظم القصيدة على قافيتين العجز والصدر وهناك قافية ثالثة ويطلق عليها اسم الخرجة تخالف قافيتي العجز والصدر وتأتي في الشطر ما قبل الأخير، لتعطي دلالة على قرب انتهاء القصيدة، والقصيد القصير يُنظم على البحر السريع وهو أقرب إلى التلحين وتحويله إلى موال غنائي أو أغنية
المعنى يُنظم على بحر الرجز ويستخدم في الحوارات بين الشعراء وهناك ألوان متعددة لشعر الزجل.
وعن حضور الزجل في المراكز الثقافية ومقارنته بالقصيدة الفصحى، يتحدث رحال: “الشعر العامي له الحصة الأكبر من الجمهور، لأنه شعبي يصلح لجميع الفئات للمتعلم وغير المتعلم، أما الشعر الفصيح وبالأخص الشعر العمودي جمهوره نخبوي طبعاً يبقى الشعر العمودي هو هرم الشعر”.
ويتناول رحال في شعره الكثير من القضايا، يبين: “أكتب كل ما يجود به قلمي في الغزل والرثاء وهذا ليس تناقض بينهما إنما هو حس مرهف في تلك الحالتين، وطرحت قضايا كثيرة منها الشعر المُقاوم حتى تكون الكلمة إلى جانب الرصاصة ضد هذا الكيان المجرم، وتالياً نحن أصحاب قضية، وطرحت قضايا المحبة والتآخي حتى نكون باقة جميلة من الزهور، تكلمت عن المعاناة في الحب وكتبت مقال عن الحب من طرف واحد وآثاره السيكولوجيّة على النفس البشرية، وطرحت قضية الأطفال اليتامى وتكلمت كثيراً في قصائدي عن جبر الخواطر”.
ويتابع رحال حديثه حول تجربته الإعلامية: “خضعت لدورات إعلام في التقديم التلفزيوني والإذاعي، طبعاً صار عندي خبرة بفن إدارة الحوار واستضفت الشاعر الأستاذ محمد حسن سلمان في برنامج من إعدادي وتقديمي في المعهد التابع لوزارة الإعلام وبعد انتهاء الدورة ازدادت ثقتي بنفسي وطبعاً هذه التجربة قدمت لي كشاعر إضافة زادت من إبداعي”.
يعشق رحال المسرح، ويقول: “أنا ممثل مونودراما مسرحية الممثل الواحد الذي يحمل عمل مسرحي كامل على منكبيه ويجسد أكثر من شخصية بمفرده وهذا ليس بالأمر السهل، وفي القادمات من الأيام سيكون هناك لي عمل مسرحي جديد، أما بالنسبة إلى الشعر فهو ابني البكر العزيز الغالي، وأنا شاعر قبل أن أكون ممثل ودخلت على التمثيل المسرحي من خلال الشعر وأستطيع القول إن قلبي مقسوم إلى نصفين، الأول هو الشعر والثاني هو المسرح وقلت هذا في قصيدة كتبتها منذ حوالي ثلاث سنوات”.
ويرى رحال أن هناك صعوبات في مسيرته الإبداعية، ويستشهد بقول المتنبي:
لا تحسب المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
ويقول: “واجهت كثيراً من الصعوبات في بداياتي، ومحاولة إحباطي من قِبل البعض من خلال استهتارهم بما أقوم به بطريقة تهكمية، لكنني لم أكترث وتابعت مسيرتي بكل تفاني وصدق حتى وصلت إلى مرادي، لذا أتمنى راجياً من كل الجهات المعنية احتضان مواهب الأطفال واليافعين والعمل على صقل تلك المواهب وأقترح تخصيص برنامج تلفزيوني خاص بالأطفال من أجل الإضاءة على مواهبهم وإنضاجها”.