بوتين يحقق النصر ضد الناتو في أوكرانيا
ريا خوري
ما زالت أوكرانيا تواجه ضغوطاً متزايدة من حلفائها في دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) لبحث محادثات السلام مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حتى لو كانت تلك المحادثات ستفضي إلى تخلي أوكرانيا عن جزء من أراضيها لروسيا الاتحادية. الواضح في هذا الشأن أنَّ الإلحاح الغربي لوقف الحرب يُعزى إلى مخاوف أوروبية من تراجع الدعم الأميركي لأوكرانيا بشكلٍ كبير مع عودة دونالد ترامب إلى البيت البيضاوي، الذي تعهّدَ بإيجاد حل سريع وفعال للحرب في أوكرانيا، من دون إعطاء الأولوية للمطالب والمواقف الأوكرانية.
كل هذا ترافق مع القلق الذي عبّر عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وجورجيا ميلوني رئيسة وزراء إيطاليا في قمة بودابست مؤخراً حول مقدرة أوروبا على توفير المساعدات الإنسانية والمالية والعسكرية لأوكرانيا إذا ما قطع ترامب التمويل الأميركي عن أوكرانيا. كما دعا فيكتور أوربان رئيس الوزراء المجري إلى تبني المنهج السياسي والعسكري الذي يطرحه ترامب وهو إنهاء الحرب بأقرب وقت ودون أي تأخير، خاصة أنّ أوروبا غير قادرة على تحقيق أي انتصار.
اليوم يشهد العالم حالة من تقلّص مساحة المؤيدين للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، التي دعت لدعم أوكرانيا في الماضي، فيما يكسب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المزيد من المؤيدين في العالم، ما يشكل انتصاراً سياسياً لروسيا الاتحادية، ويضع التحالف الغربي (الناتو) أمام واقع جديد يفرض عليه مراجعة مواقفه وإستراتيجيته، ويتقبّل الواقع بما عليه، والعمل من خلال البحث عن وسائل تحفظ الأمن الأوروبي الاستراتيجي، وتبعده عن مواصلة الصراع الخاسر مع روسيا الاتحادية،هذا من جهة. ومن جهةٍ أخرى، نجد دعماً دولياً كبيراً لروسيا يزداد يوماً بعد يوم، حيث شهد العالم فوز الحزب الحاكم في جورجيا (الحلم الجورجي) الموالي لروسيا بزعامة بدزينا إيفانشفيلي في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السادس والعشرين من شهر تشرين الأول الماضي بحصوله على 54.08% من الأصوات مقابل 37.58 % للائتلاف المعارض المؤيد لحلف (الناتو) وللوحدة الأوروبية واستمرار دعم أوكرانيا، كما تمكن كالين جورجيسكو (62 عاماً) المرشح المؤيد لروسيا الاتحادية، في رومانيا الموصوف باليميني المتطرف، من تحقيق مفاجأة غير منتظرة بتصدر نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فقد رأي عدد كبير من المحللين والخبراء الاستراتيجيين أن أقصى اليمين في رومانيا أفاد من مناخ اجتماعي وجيوسياسي متوتِّر في هذه الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي ( الناتو) وعضو في الاتحاد الأوروبي والواقعة على حدود أوكرانيا، معتبرين ذلك (زلزالاً سياسياً) غير مسبوق في رومانيا البالغ عدد سكانها نحو تسعة عشر مليون نسمة، حيث حصل المرشح كالين جورجيسكو على 22،55% من الأصوات، في مقابل 19.55 % لـــ (مارسيل شيولاكو) رئيس الوزراء المؤيد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) والمؤيد لاستراتيجيات الاتحاد الأوروبي.
منذ بدء العملية العسكرية الخاصة الروسية في أوكرانيا حقق الرئس بوتين نصراً مؤزراً، وهذا النصر يتعلّق بالقدرة على التحمّل بدلاًّ من الاستيلاء على الأراضي، كما اتضح الآن عدم تمكن الجيش الأوكراني من هزيمة الجيش الروسي، ولم يتمكن الهجوم المضاد لأوكرانيا من تحقيق أي نصر.