اقتصاد

نقطة ساخنة نصيحة.. “إن أكرمتم العامل السوري ملكتموه”!

كان مفاجئاً له ولمن حوله..، عندما باغته بسؤال “قد يستغبيه بعضهم”: هل في سورية قطاع خاص؟!، فما كان من أحد رؤساء الغرف الاقتصادية إلاّ الردّ بـ”هااا”، وأردف بإشارة استفهام واستهجان من رأسه، تعني فيما تعني: ما تقصد وإلامَ ترمي؟.
عاجلته بالإجابة الآتية: أنا ممّن يحكمون على وجود قطاع خاص فعلي في أية دولة، من منظور مدى دوره في تحقيق وتطبيق العدالة في قانون العمل، الضابط والملزم لكلا طرفي العملية: العامل وربّ العمل، ومدى دوره في تحمّل مسؤوليته الاجتماعية والتنموية. فهل هذا محقق فعلاً؟.
سألت وختمت، ومن لحظتها حتى تاريخه ننتظر ذاك المقدام للإفحام الذي سنتقبّله إن استطاع بالانحناء احتراماً.
حدث ذلك قبل الأزمة التي حلّت بوطننا وتحديداً وقت التحضير والإعداد للقانون رقم 17 لعام 2010.
كلنا يعرف ما كان وكيف فُرض ذاك القانون وكُرمى لعيون مَن؟ وتحت أية لافتة “تحفيز وتشجيع وجذب للاستثمارات” لم نشهد منها إلاّ ما يوجع القلب والجيب، ومن أصحابها الذين دللنا إلا كلّ النكران. .
اليوم، وما أشبهه بالأمس..، يردّ رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها بمفاجأة من العيار الثقيل، إذ أبدى تمسكه بضرورة إبقاء التسريح غير المبرر في قانون العمل 17!!.
أما حجّته في ذلك التشبّث فهي التشبه بقوانين العمل في الدول المجاورة (لبنان – الأردن – مصر – تركيا) التي قام بعرض ما نصت عليه قوانينها بهذا الشأن والتعويض الذي يترتب على صاحب العمل في هذه الحالة.
أما حجّتنا التي نرجو من اتحاد عمالنا والجهات المعنية بالدفاع عن قوة العمل وحقوق العمال، وضعها حلقة بالأذن -تحاشياً لما سبق وانكوى عمالنا به- فتقول: عندما يطالب بتطبيق القانون على واقع غير قانوني، فإن كثيراً مما في القانون سيكون سيفاً مسلطاً على طبقتنا العاملة، التي أثبتت خلال هذه المحنة معدنها النفيس..
“قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق” مأثورة تناقلتها الأجيال، وفيها من التجارب والخبرات ما دعا إلى أن تكون جرساً منذراً أبداً من محاذير، ما نعلم بها يجعلنا نعدّ للمليون قبل أن نرى ما لا نعلم بها..
يرغب رئيس الغرفة بقطع الأرزاق وكأننا به على ما يبدو يعيش خارج الحالة، حتى إنه يجعلنا نترحّم على ما كان يعانيه عمال الخاص من ظلم وإجحاف بدءاً من الإجبار على التوقيع على الاستقالة المسبقة وعدم تشميل الكثير منهم بالتأمينات وتسجيل عكس الراتب الحقيقي، مروراً بالتوقيف عن العمل قبل انقضاء السنة 15 يوماً تهرّباً من التثبيت، ناهيكم عن العقود التي كانت تغيّر في عناوينها لكن نتيجتها واحدة كالعقد التأشيري، وانتهاءً بغير ذلك مما أنزل من سلطان بيد ربّ العمل.
ولعل من جملة ما غاب عن ذهن الصناعي الكبير، أن نجاح وتطوّر وتنامي أي استثمار وإنتاج، محكوم بالمعادلة الميزان، وهي العامل وقوة عمله من جهة ورأس المال وصاحبه من جهة أخرى.
معادلة بدل أن يسعى أرباب العمل إلى ترسيخ كل طرف حقه وواجبه فيها، نراهم يجهدون لإمالة كفتها لمصلحتهم وإلى حدّ لا يعقل، معتقدين خطأ أن كل شيء بالمال يُشترى ويُصنع ويُنتج ويعمَّر!.
كلمة أخيرة نقولها وبصيغة السؤال: هل منكم من يعلم أن رجل أعمال في سورية أفلس بسبب عامل، وبالمقابل كم عامل كان ضحية لقانون صاغه رجال أعمال بواجهات رسمية؟!.
ونصيحة.. “إن أكرمتم العامل السوري ملكتموه”.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com