تزايد حجم الإيداعات لا التسويات المالية تسبب في تعزيز الثقة؟! تحسن سيولة المصارف العامة تدفع الجهات المختصة للنظر بالإقراض.. و”التسليف الشعبي” أول المترقبين
جميع المؤشرات توحي بانفراج قريب في منح المصارف العامة التسهيلات الائتمانية بكافة أنواعها للمواطنين نتيجة تحسّن معدلات السيولة، والبداية كانت من مصرف التسليف الشعبي الذي ينتظر موافقة المصرف المركزي لمنح قروض صغيرة بعد توقف دام لمدة قاربت الثلاث سنوات.
وتشير مصادر مصرفية إلى أن التسويات التي تمّت لم تكن كافية، وسبباً حقيقياً لارتفاع سيولة المصارف العامة، بل يعود ذلك إلى إعادة هيكلة الودائع وآلية توزيعها بحيث يتم استقطاب الودائع وجذبها مع الاعتماد على جهات عديدة لتغذية الودائع إن كان عن طريق جذب الزبائن أنفسهم وتعزيز فئة المتعاملين مع المصارف وإعادة بنائها وفقاً لأسس جديدة، أو جذب واستقطاب المؤسسات العامة الرابحة ذات الرصيد المالي الكبير المغذى باستمرار.
استقرار
الاستقرار التدريجي وعودة ثقة المتعاملين أكثر من ذي قبل بالقطاع المصرفي بشكل خاص، دفع بالمصرف التجاري السوري إلى المقدمة مستقطباً نحو 46 مليار ليرة منذ مطلع العام ولغاية اليوم العاشر من الشهر الجاري، لترتفع إجمالي ودائعه بذلك إلى 416.3 مليار ليرة، مقارنة مع زيادة قدرها 59 مليار ليرة عام 2013 وصولاً إلى 370 مليار ليرة في نهاية العام، أما في عام 2012 فقد انخفضت بمقدار 9 مليارات ليرة، لتصل إلى 311.6 مليار ليرة سورية.
ويعدّ المصرف العقاري بعد التجاري السوري من أكثر المصارف قرباً من رأس المال الاسمي بالنسبة لرأس ماله المدفوع والذي يتجاوز 7 مليارات ليرة من أصل 10 مليارات ليرة، وأكد مدير عام المصرف الدكتور أحمد العلي أن سيولة المصرف العقاري سجلت ارتفاعاً مهماً خلال الفترة الأخيرة لا يقلّ عن 6 درجات مئوية بالتوازي مع تحسن الإيداعات وإبرام جملة من التسويات بموجب القوانين والمراسيم التي صدرت متضمنة محفزات وإعفاءات تحثّ المقترضين على إبرام التسويات.
مؤشرات
وتشير آخر الأرقام إلى تراوح سيولة “العقاري” خلال الفترة الأخيرة ما بين 30% إلى 31% بالليرات السورية، كما وصلت نسبة سيولته بكافة العملات الأجنبية إلى 30% أيضاً، في حين وصلت كميات الأموال الجاهزة لدى المصرف العقاري إلى 67 مليار ليرة تقريباً. وكشف مصدر مسؤول بالمصرف لـ”البعث” عن وجود محاولات جادة للمصرف لاستعادة مسؤولياته في منح القروض، مؤكداً مخاطبة مجلس الوزراء في هذا الشأن، وخاصة بعد أن بدأ المصرف العقاري يستعيد نشاطه، موضحاً -المصدر- أن المصرف وبشكل مبدئي يسعى لإعادة أنواع أخرى من القروض بشكل تدريجي للغايات الأكثر إلحاحاً في هذه الظروف، كقروض ترميم المحلات التجارية وإعادة تأهيل البيوت السكنية التي تعرّضت للتأذي أو إعادة إعمارها، لافتاً إلى أنه ستتم مراعاة ذوي الدخل المحدود في منح هذه القروض إذا تمّت الموافقة عليها.
الدخل المحدود
أما عن مصرف التسليف الشعبي، فتشير المصادر إلى أن ارتفاع سيولته بدأ منذ ما يقارب الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، بعد أن تمكّنت إدارته الجديدة من تحصيل مبالغ تُقدّر بالمليارات من الليرات التي كانت مستحقة للمصرف في ذمة بعض الجهات العامة الخاصة، ناهيك عن الارتفاع الهائل الحاصل في بيع شهادات الاستثمار، وبناءً على هذا التحسّن الملحوظ حصل “التسليف الشعبي” نهاية الأسبوع الفائت على موافقة وزارة المالية لمنح قروض لذوي الدخل المحدود، وتضمّنت الموافقة التنسيق مع مصرف سورية المركزي للحصول على الموافقة النهائية.
وفي تصريح صحفي أكد الدكتور محمد حمرا مدير عام المصرف أن الدراسة التي قدّمها المصرف بخصوص المنتج الجديد الذي يتضمّن منح قروض لذوي الدخل المحدود بسقف أقصاه 300 ألف ليرة مدة ثلاث سنوات موجودة حالياً في “المركزي”، إذ تجري مناقشتها ودراستها ومن المتوقع أن يبتّ في أمرها خلال عشرة أيام.
وسجل المصرف الصناعي أرقاماً مهمّة أيضاً في سيولته، حيث وصلت خلال الفترة الأخيرة إلى 28% في حين كانت قبلها ببضعة أشهر لا تتجاوز 22%، ما يعني ارتفاعها خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر بمقدار 6 درجات مئوية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن سيولة الصناعي بدأت تتحسّن وترتفع فوق مستوياتها التي كانت متدنية منذ ما يقارب العام تقريباً حين كانت وقتها لا تتجاوز 10%، أما في العام الأسبق فلم تكن تتجاوز 5%.
وعن مبالغ السيولة لدى المصرف فقد وصلت بالليرات السورية إلى 9 مليارات ليرة، وفي الوقت نفسه يعتبر المصرف الصناعي أن الكفالات التي أصدرها المصرف للمقاولين كان لها دور فعال ورئيسي في زيادة سيولة المصرف وترميمه للخسائر التي لحقت به منذ سنوات طويلة سابقة.
توظيفات
في حين أن مصرف التوفير يبقى متربعاً على عرش السيولة المالية لدى المصارف العاملة في سورية من العامة والخاصة على حدّ سواء، مع الأخذ بالحسبان أنه ضَمِنَ الكثير من العوائد خلال السنة الحالية من خلال توظيفه لأجزاء من سيولته، وإن كانت غير كبيرة بالنظر إلى أن الإقراض الذي بادر إليه متفرداً بين كل المصارف العامة والخاصة وجعل الإقبال عليه كبيراً، ومكنه في الوقت نفسه من ضمان تراكم نسب من الفوائد على الأموال التي أقرضها، ناهيك عن تحصيله لعمولات وأموال من خلال الخدمات التي يقدمها للمتعاملين معه.
ومنح “التوفير” 37076 قرضاً تنموياً بقيمة 11.631 مليار ليرة منذ بداية العام وحتى اليوم العاشر من الشهر الجاري، ما يعادل 1.7 مليار ليرة كل شهر، وذلك حسب إحصائيات للمصرف حصلت “البعث” عليها، وبمقارنتها مع مجموع القروض التي منحها العام الماضي التي بلغت 30207 قروض قُدّر مجموعها بنحو 9.377 مليارات ليرة العام الماضي ولغاية نهاية تشرين الأول –فترة توقيف منح القروض- أي بما يعادل 3 مليارات كل ثلاثة أشهر استفاد منها كل من العاملين في الدولة والعسكريين.
لا بد من
من الضرورة بمكان أن تعيد المصارف وعلى رأسها مصرف سورية المركزي النظر بقراراتها ورؤيتها خلال فترات متواترة ولكن متقاربة -من وجهة نظر المحلل الاقتصادي الدكتور عابد فضلية-، وذلك حتى تتخذ قراراتها بأسرع ما يمكن نظراً لأهمية القطاع المصرفي والمالي في الاقتصاد الوطني حتى تعاود الإقراض وتبدأ عجلة الإنتاج بالدوران في بعض الأماكن وتزيد من سرعة دورانها في أماكن أخرى، وصولاً إلى نشاط اقتصادي متسارع، بما ينعكس على الواقع الاجتماعي وإدخال آلاف الأسر سوق العمل من جديد، بعد خروجها منه نتيجة ما مارسته المجموعات الإرهابية المسلحة من تخريب وإجرام في المنشآت الصناعية والإنتاجية.
دمشق– سامر حلاس