السينما العربية وإرهاصاتها الأولى
تحوّلت السينما إلى أحد أنواع الفنون ذات الشعبية العالية كالشعر والرواية، لتتفوق على غيرها من الفنون وتصبح الأكثر شعبية في العالم. وذلك بعد ظهور أول فيلم ناطق في العالم عام 1927 “مغني الجاز”. لكن ماذا عن السينما في العالم العربي الذي وصلته السينما مع بداية القرن العشرين،حيث تعتبر مصر وسورية من أوائل الدول التي أنتجت أفلاماً روائيّة عربية نوردها حسب تاريخ ظهورها:
مصر
اختلف المؤرخون على بداية السينما في مصر. منهم من يقول إنها بدأت عام 1907، مع فيلم تسجيلي صامت عن زيارة الخديوي عباس حلمي الثاني إلى معهد المرسي أبو العباس في مدينة الإسكندرية، لكن هناك من يرى أن أول فيلم روائي مصري، لم يظهر إلا عام 1917 من إنتاج الشركة السينمائية الإيطالية – المصرية. علماً أن أول فيلمين في السينما المصرية هما “الشرف البدوي” و”الأزهار القاتلة” من بطولة محمد كريم، أول ممثل سينمائي مصري. ولا أحد يعلم إن كانت هناك نسخة من هذين الفيلمين موجودة في الأرشيف.
سورية
أما أول فيلم روائي سوري فهو “المتهم البريء” الذي أنتج عام 1928 وقد صور خلال 8 أشهر وبلغ طول شريطه 800 متر. وقد اختلفت الآراء حول الدولة المنتجة للفيلم، إذ يعتبره الكثيرون إنتاجاً مصرياً، غير أن المؤسسة العامة للسينما في سورية تؤكّد أنه إنتاج سوري، موضحةً وجود نسخة منه غير صالحة للعرض. إذ أنتجته شركة حرمون فيلم للإنتاج السينمائي التي أسسها رشيد جلال وشركاؤه، وعرض في سينما الكوزموغراف في ساحة المرجة بدمشق ولاقى نجاحاً لافتاً.
لبنان
جرت التجارب الأولى للسينما اللبنانية خلال الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين ولكنها كانت كلها أفلاماً صامتة، وطاقمها أجنبي. أما أول فيلم أنتجه كادر لبناني فهو “عذاب الضمير”، عام 1953، للمخرج جورج قاعي ومدته 85 دقيقة.
فلسطين
المحاولات السينمائية الفلسطينية الأولى كثيرة، قبل نكبة العام 1948، ولكن الفيلم الروائي الأول هو “حلم ليلة” من إخراج صلاح الدين بدرخان عام 1946. عرض في القدس ويافا وعمان وبلاد أخرى، بينها مصر، لكون المخرج صلاح الدين بدرخان مصري الأصل.
الجزائر
أول فيلم روائي في الجزائر هو “سلام في سن البراءة”، أُنتج بعد استقلال الجزائر عام 1962، إخراج جاك شارب وتصوير أندريه دوماتر وموسيقى الحاج محمد العنقة وبيير جونس. تطرق الفيلم لموضوع الطفولة وعلاقتها بالحرب، وقد عرض العام الماضي في مهرجان وهران للفيلم العربي.
ليبيا
أول فيلم روائي ليبي طويل هو “عندما يقسو القدر” للمخرج عبد الله رزق، وبطولة الممثلة الليبية زهرة مصباح. يحكي عن قصة حب بين شاب وفتاة في ضوء المشاكل الفردية والظروف الاجتماعية الصعبة، وقد أنتجه علي الفلهودي.
الكويت
تأخرت ثقافة السينما في الخليج العربي، وكانت الكويت هي السباقة في إنتاج أول فيلم روائي طويل بعنوان “بس يا بحر” عام 1971، إخراج خالد الصديق، وسيناريو خالد الصديق، وسعد الفرج، وولاء صلاح الدين، وعبد الرحمن الصالح. يقدم الفيلم خلال 106 دقائق الهواجس الأولى للمنطقة، وقضايا المجتمع بطبقيته وتركيبته، والحاجة الملحة للتغيير.
اليمن
السينما اليمنية لا تزال في مراحلها الأولى، أول فيلم يمني هو “يوم جديد في صنعاء القديمة” للمخرج فضل العلفي، وقد أُنتج في العام 2005. يروي قصة شاب متعلم من صنعاء القديمة وعلاقته بفتاة من طبقة اجتماعية متدنية بدون أهل ولا نسب. أغلب الحوار يدور بلهجة أهل صنعاء رغم أن بعض الممثلين لم يكونوا يمنيين. وقد حاز الفيلم جائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي كأفضل فيلم عربي وأول فيلم يمني يعرض في مهرجان “كان” السينمائي.
قطر
أول فيلم روائي قطري طويل هو “عقارب الساعة” للمخرج القطري خليفة عبد الله المريخي. تدور الفكرة الرئيسية للفيلم حول فن مرتبط بالأساطير، كانت العامة في قطر تعتقد أنه من صنع الجن. ويستعرض الفيلم أيضاً التراث القطري والخليجي، وتعكس أحداثه التي تدور في عالم البحار، حقبة تاريخية كان فيها الغوص وتجارة اللؤلؤ هما العمل الرئيسي في تلك المنطقة حتى زمن قريب.
الإمارات العربية المتحدة
أول فيلم إماراتي روائي طويل هو “ظل البحر” الذي أنتج عام 2011، من إخراج نواف الجناحي، يروي أحداثاً تقع في أحد أحياء رأس الخيمة الشعبية، حيث العادات والتقاليد تجعل من التعبير عن المشاعر بحرية، أمراً صعباً. تتخلل هذه الأحداث قصةُ منصور وكلثم، المراهقين البالغين السادسة عشرة من العمر، في رحلتهما لاكتشاف الذات وسط أجواء عائلية مشحونة وقيم مرتبكة.
السعودية
تخلفت السينما في السعودية عن الالتحاق بركب صناعة السينما حتى عام 2012 تاريخ ظهور أول فيلم روائي سعودي هو “وجدة” من إخراج هيفاء المنصور وكتابتها. ويعتبر أول فيلم روائي طويل يتمّ تصويره كاملاً في المملكة العربية السعودية. يحتفي الفيلم بقيم عدة مثل حب الحياة والإصرار والعمل الدؤوب ويتضمّن إسقاطات على وضع المرأة السعودية وما تعانيه في ظل مجتمع متسلط وذكوري يرفض حتى قيادتها للسيارة، وهو من بطولة الطفلة وعد محمد والممثلة ريم عبد الله التي لعبت دور الأم، وقد فاز الفيلم بجائزة “صنّاع الأفلام الجدد” في مهرجان “كان” السينمائي.
العراق
أول فيلم عراقي هو “نجم البقال”، أنتج عام 2010 في إطار مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية، إخراج عامر علوان وتأليف سلام حربة وإنتاج دائرة السينما والمسرح. شارك فيه عدد من نجوم الدراما العراقية والإنكليزية، وهو يتناول الاحتلال الإنكليزي للعراق، وتدور أحداثه في مدينة النجف.
يسرى بركات