نقطة ساخنة الثروة المهدورة
تهريب الثروة الحيوانية وخاصة الأغنام والماعز ظاهرة قديمة جديدة تفاقمت بشكل لافت خلال الأزمة لتصل في الآونة الأخيرة إلى عدة آلاف رأس في اليوم الواحد، بينما لم تكن تتجاوز قبل عام 2011 عشرات الرؤوس، لتساهم هذه الظاهرة في إحداث ضرر اقتصادي كبير إضافة إلى فقداننا مصادر غذائية ضرورية ومهمة جداً لصحة المواطن.
الخطير في هذه القضية أن عمليات تهريب الأغنام من سورية إلى دول الجوار أصبحت منظمة من خلال أشخاص من جنسيات مختلفة، يتعاونون بالاتفاق، مستغلين وجود فوضى على الحدود من الجانب السوري، ومستفيدين من انخفاض أسعارها.
في وقت تتضاعف فيه أرباح “المهرّبين” يوماً بعد يوم، حيث تشير بعض المصادر إلى تقاضي 10 دولارات عن تهريب رأس واحد، أي إن تهريب ألف رأس يحقق عمولة قدرها 10 آلاف دولار، ودون أدنى شك أن هذه الأرباح الخيالية ستدفع إلى المزيد من الانخراط في “بزنس” لن يتكرر مع عودة الأمن والأمان إلى جميع النقاط الحدودية.
المؤسف في الأمر أن أفضل صنف أغنام في العالم المسمى “العواس” والمتوفر في سورية دون غيرها من الدول، بات يباع الرأس منه بأثمان بخسة جداً تتراوح بين 30 و40 ألف ليرة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذه الأغنام مسروقة أو مستولى عليها من جماعات مسلحة تقوم ببيعها بأية أثمان، وإلاَّ فمتى وكيف تم تجهيز هذه المواشي وترتيب عمليات تسفيرها؟!.
فلتان بعض النقاط الحدودية دفع المهربين إلى اللجوء لشراء أرقام لترقيم المواشي لإدخالها على أنها ماشية تنتمي إلى الدول المرسلة إليها، وزاد من مشكلات مربّي الماشية في سورية التكاليف الباهظة التي يتكبّدونها في سبيل الحصول على الأعلاف المرتفعة الأسعار من الأسواق السوداء، بالمقابل كلّف -تفاقم هذه الظاهرة- خزينة الدولة خسائر جمّة نتيجة اضطرار الحكومة لاستيراد اللحوم والمنتجات الحيوانية، بعد أن كان تصدير الأغنام من أكثر القنوات المؤمّنة للدولار.
جميع تلك التطوّرات في ظل بطء قاتل في تطبيق ما تعلن عنه وزارة الزراعة، ورؤيتها لحماية وزيادة أعداد الثروة الحيوانية (كمشروع ترقيم ثروتنا الحيوانية الذي لا نزال نسمع أخباره دون أن نجد أية ترجمة له على أرض الواقع)، وتحسين إنتاجيتها لتخفيف المستوردات الحيوانية، بما يؤمّن الاستقرار وتحسين دخل المربّين، رغم أن سورية تمتلك سلالات جيدة من الأغنام والأبقار والماعز والجاموس كما أشرنا سابقاً.
فتح ملف تهريب الأغنام عبر الحدود، الذي وصل إلى وضع أصبح فيه مربّو الماشية غير قادرين على تحمّل المزيد من الأضرار والخسائر الكبيرة التي بدأت تطول مصالحهم ومصدر رزقهم، وأضرّ بسمعة الثروة الحيوانية السورية نتيجة عدم إجراء فحوصات مخبرية وبيطرية على الأغنام المهرّبة ووصول عدد منها مريضاً، هذا الملف يجب على الجهات المختصة النظر فيه بالجدية التي يستحقها لما فيه من خير للاقتصاد الوطني وصحة المواطن.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com