واشنطن تأمر والغرب يتماهى.. ودول "الاعتلال العربي" تنفذ الإمارات تشهر متأخرة العصا في وجه الإرهاب.. والكويت تعتقل أبرز ممولي "النصرة" أندونيسيا تتخذ خطوات حاسمة للحد من انتشار "داعش".. وحكومة أردوغان تغرق في غيّها
الإرهاب في الشرق الأوسط، الذي صدّرته وغذّته ودعمته أمريكا ودول غربية وخليجية بهدف ضرب وحدة الموقف والإرادة والصمود لدى دول المقاومة والممانعة، بدأ يتمدد اليوم على مساحات واسعة، وبدأت الدول الغربية تخشى من ارتداداته عليها، ولذلك سارعت واشنطن، ومن لف لفها، إلى إصدار قرار أممي، تأخر صدوره ثلاث سنوات، يدعو إلى الامتناع عن دعم وتمويل وتسليح إرهابيي تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” الإرهابيين، ومنع تدفق الإرهابيين إلى سورية والعراق، ولكن إلى اليوم لم نر أي تحرك جاد لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه مادياً وعسكرياً.
السعودية وقطر وتركيا و”إسرائيل”، ومن ورائهم الولايات المتحدة، والتي تقاطعت مصالحها، موّلت ودعمت تنظيم القاعدة وأذرعه، منذ عام 2003، لإنتاج بيئة التقسيم واللااستقرار في العراق بما يناسب المخطط الصهيوأمريكي في المنطقة، وتكررت التجربة في سورية مع انطلاق العدوان الخارجي عليها، حيث دعمت “مملكة الرمال” تنظيم القاعدة في إنشاء فرع له فيها تحت مسمى “جبهة النصرة”، إلّا أن التنظيم الإرهابي الأخير لم يحقق للرعاة الخارجيين، وخاصة تركيا أردوغان، أحلامهم بالسرعة التي توخوها، فكان الإيعاز لما يُسمى “دولة العراق والشام” بنقل جهدها مؤقتاً إلى سورية لتعويض الوهن والإخفاق، وأمام صلابة الدفاعات السورية توجه التنظيم إلى العراق، ونفذ “مسرحية الموصل”، التي دعمتها معنوياً ومادياً الأطراف ذاتها، لكن الأمور، بعد المسرحية، تطوّرت بشكل لا يناسب محور أميركا تركيا قطر، الجسر والرافعة والحضن لتنظيم القاعدة، وخرج التنظيم عن السقف المرسوم له أميركياً، فكانت العصا الأمريكية بالمرصاد لتأديبه وإعادته إلى بيت الطاعة، فيما أتباعها، والذين لا يعرفون إلّا الطاعة، يتماهون مع قراراتها، ويعترفون بعد سنوات من المكابرة والعناد أن الجميع في دائرة الخطر.
بالأمس، أقرت السلطات الإماراتية قانوناً جديداً بشأن مكافحة جرائم الإرهاب وتأسيس التنظيمات الإرهابية في البلاد، ويتكوّن القانون الجديد من 70 مادة، ويحظر عقد أي اجتماعات لأي تنظيم إرهابي على أرض الإمارات، ويمنح السلطات حق فض هذه الاجتماعات بالقوة، كما يعاقب القانون بالسجن المؤقت أو المؤبد جرائم تمويل الإرهاب، وأخذ رهائن والاتجار بالبشر، وحدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام، وتشمل: الهجوم على رئيس الدولة وعائلته أو نائب برلماني أو موظف في الدولة، وكذلك جرائم تجنيد الأفراد داخل منظمة إرهابية.
ويأتي إقرار هذا القانون، فيما ألقت السلطات الكويتية القبض على حجاج العجمي، المتهم بتجنيد مواطنيه في “جبهة النصرة”، فور وصوله المطار قادماً من قطر، والعجمي (26 عاماً) مدرج ضمن ستة متطرفين أضيفت أسماؤهم الجمعة من قبل مجلس الأمن الدولي إلى لائحة أفراد يخضعون لعقوبات دولية لعلاقتهم بتنظيم القاعدة، ويُعتبر منظم الدعم المالي لـ”النصرة”، وسافر مراراً من الكويت إلى سورية لنقل أموال وتجنيد كويتيين لتولي مراكز قيادية في الجبهة الإرهابية.
كما أدرجته واشنطن منذ بداية آب مع كويتيين اثنين آخرين على لائحتها السوداء للأشخاص المتهمين بتمويل “النصرة” و”داعش”.
ورغم هذه الإجراءات، نقول: الجهات الداعمة للإرهاب في المنطقة، تركيا وقطر والسعودية و”إسرائيل”، أضحت معروفة لمن يريد أن يرى ويفهم، وهناك أدلة دامغة ومستندات وفيديوهات وأشرطة مسجلة وتحويلات مالية ومعدات وأسلحة تظهر علناً في الميدان، والتي يتمّ تهريبها عبر المساعدات الإنسانية، ورغم ذلك لم تحاسب أي دول من هذه الدول على دعمها الإرهاب، ولم توضع تحت الفصل السابع.
وفي هذا السياق، أكد نائب وزير الخارجية في البرلمان الدولي للأمن والسلام هيثم أبو سعيد أن تركيا وقطر والسعودية و”إسرائيل” تدعم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية بكل ما لديها من قوة وتقدم لها تسهيلات على الحدود، وأن هناك أدلة دامغة على ذلك، فيما كشفت تقارير استخباراتية جديدة أن تركيا، في ظل حزب العدالة والتنمية، تحوّلت إلى حصان طروادة للإرهاب أو إلى “صندوق باندورا” كما في الميثولوجيا الإغريقية، وهو صندوق مملوء بكل الشرور البشرية.
في الأثناء، دعا الرئيس الأندونيسي سوسيلو بامبانغ يودويونو المجتمع الدولي إلى محاربة التطرف والإرهاب، ولفت إلى أنه أمر الشرطة الأندونيسية وغيرها من وكالات الأمن بمكافحة المخاطر الأمنية التي يشكلها تنظيم “داعش” الإرهابي في أندونيسيا، وأنه كلف عدداً من تلك الوكالات بمكافحة انتشار الفكر المتطرف في البلاد، وأضاف: إن الحكومة الأندونيسية اتخذت خطوات حاسمة للحد من انتشار تنظيم دولة العراق والشام في أندونيسيا بما في ذلك حظر انضمام الأندونيسيين إلى هذا التنظيم أو القتال إلى جانبه، كما أنها حظرت المواقع الالكترونية على الانترنت التي تروّج لأفكار القتال إلى جانبهم، وأشار إلى أن عدداً من الأندونيسيين انضموا إلى هذا التنظيم للقتال إلى جانبه في سورية والعراق، كما أن المواطنين الاندونيسيين يتلقون رسائل من هذا التنظيم تحتوي على أفكار متطرفة.
كما حث يودويونو القادة الدوليين على العمل معاً للتعامل مع التهديد الذي يشكله التنظيم المذكور والتنظيمات الإرهابية الأخرى، وقال: إن هذه اليقظة الجديدة تدعو قادة الدول في كل أنحاء العالم بمن في ذلك القادة الإسلاميون إلى مراجعة كيفية مكافحة التطرف وتغيير مفاهيم كلا الجانبين وكيفية رؤية الغرب للإسلام وكيفية رؤية الإسلام للغرب.
يُذكر أن الحكومة الأندونيسية كشفت عن وجود 56 أندونيسياً في صفوف التنظيم الإرهابي المسمى دولة العراق والشام، وأن ثلاثة منهم قتلوا أثناء مشاركتهم في الجرائم التي يرتكبها التنظيم في سورية.
إلى ذلك، شددت الشرطة الدولية “الانتربول” على أن قتل إرهابيي “داعش” لصحفي أمريكي جيمس فولي، الذي اختطف في سورية، يظهر الحاجة إلى تنسيق الجهود الدولية لمنع تدفق المسلحين الأجانب للانضمام إلى المتطرفين في الشرق الأوسط، وقالت الوكالة، التي تتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقراً له: إن قتل فولي يظهر فساد داعش ويسلّط الضوء على المحنة المستمرة لمواطنين أبرياء آخرين في أرجاء المنطقة، وأعربت عن قلقها من أن الرجل الذي ظهر في شريط إعدام فولي قد يكون بريطاني الجنسية.
وكان إرهابيو “داعش” بثوا شريط فيديو يظهر قطع رأس الصحفي فولي، وأكد البيت الأبيض صحة الشريط، الذي هدد فيه الإرهابيون أيضاً بقتل الصحفي الأميركي ستيفن سوتلوف.