نقطة ساخنة مكاتب خارج التنظيم
لا تنفكّ مؤسساتنا تشكو “من ضيق ذات اليد” عند السؤال عن التقصير في اتجاه ما يندرج في إطار مسؤولياتها التي وجدت لأجلها والامتيازات التي كسبها موظفوها لتنفيذ واجباتهم.
وعند حضور مسألة ذات أهمية –وتلك الأهمية يحدّدها القائمون على هذه المؤسسات– فجأة يحضر الإلحاح على تأمين التمويل اللازم مهما كبر أو صغر حجمه، أما مصدر هذا التمويل “النادر” الذي لا يمكن الحصول عليه بسهولة، فله طريق واحد مختصر وهو فرض الضريبة على المواطن، وما أكثر المطارح المتعلقة بمعيشته التي يمكن الجباية منها!.
وقد يكون إغفال مطارح ضريبية معينة، إما (تكاسلاً) وتوفيراً لعناء البحث عن كيفية جبايتها، أو لأن هناك تواطؤاً من نوع ما بين من يقدر على ذلك وبين أصحاب هذه المطارح، كما هو الحال في المكاتب العقارية التي نمت كالفطر خلال سنوات الأزمة وتعمل في ظاهر لا ينمّ عن باطنها، رغم أنه لا مشكلة لديها في إظهار هذا الباطن لأن ورقة البراءة بيدها والتشريعات لا يمكن أن تدينها.
فالأموال الهائلة التي جنتها -وما زالت- هذه المكاتب وخاصة في مناطق السكن العشوائي من معاناة وخنق المواطن، لم يذهب منها إلى الخزينة سوى اليسير، وتم تجييرها إلى جيوب السماسرة والمضاربين، حتى تحوّلت الوساطة العقارية إلى “مهنة مَن لا مهنة له” بسبب الربح السريع الذي تدرّه مع تكلفة تشغيلية بسيطة وأدوات عمل لا تتعدّى مكتباً بعدّة أمتار وخط هاتف إضافة إلى فن “الكذب والاحتيال الموجود”.
هذا الضياع الهائل لأموال المواطنين وأموال الخزينة لم يلحظه “الباحثون عن موارد”، رغم أن الجزء اليسير يصل إليهم عبر توثيق العقود و بالتفاف علني على القوانين المتواضعة التي تحكم مهنة الوساطة العقارية.
ووزارة الإسكان اكتفت “بإدانتها” الدور السلبي للمكاتب العقارية، وخاصة خلال الأزمة، وتقول: إنها تعمل على صيغة لتعديل القرار الناظم لهذه المكاتب، علماً أن إحدى مواد هذا القرار تقضي بتسجيل كل العقود المتعلقة بالسكن سواء أكانت بيعاً أم إيجاراً في الوزارة المذكورة، لكنها تؤكد أنه منذ تاريخ إصدار القرار لم يسجّل أي عقد من هذه العقود في الوزارة.
مع الإشارة إلى أن المكاتب العقارية مرتبطة بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدلاً من وزارة الإسكان والتنمية العمرانية، وهنا تبقى المفارقة!.
سامية يوسف
samiay@gmail.com