ثقافة

“أماسي” تحتفي بالمخرج سامر البرقاوي

سامر برقاوي المؤمن بالخبرات المحلية القابلة للتطور التقني لتطوير أدوات الدراما السورية لتواكب القفزة البصرية بعالم الميديا، كان ضيف ندوة أماسي التي حملت عنوان:”سامر البرقاوي بين التأصيل والتجريب”بإدارة الإعلامي الناقد ملهم الصالح، في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- وأوضح لجمهوره أن الجزء الثاني من الهيبة سيحمل تغييرات على مستوى السرد والتتابع الزمني، ليغدو أشبه بملحمة شعبية تجيب عن أسئلة بقيت مفتوحة في الجزء الأول.
ووصف برقاوي حضوره بأنه أشبه ببوح ذاتي بعيداً عن اللقاءات ذات الأهداف والأسئلة المقولبة، في الوقت الذي تحدث فيه بإسهاب عن شللية الدراما السورية في التسعينيات والتي ربما تفككت الآن وأخذت أشكالاً جديدة لتصبح أفضل.
وأثيرت أيضاً الكثير من التساؤلات حول عودته إلى بقعة ضوء ليجيب أن بقعة ضوء يحتاج إلى شخصية جديدة ننتظرها”.

انطلاقة للدراما السورية
وقد كرّمت وزارة الثقافة ممثلة بمعاون وزير الثقافة د. علي المبيض المخرج المبدع سامر البرقاوي بتسليمه درع وزارة الثقافة وشهادة التكريم احتفاء بتجربته الإبداعية، وتحدث د. المبيض عن أهمية أماسي بتقديم ندوة تعريفية بتجربة البرقاوي، فهي تجربة إبداعية فنياً بكل المفاهيم والتقنيات، إذ استطاع الخروج من المحلية إلى الوسط العربي وفرض أعماله بقوة على المتلقي العربي بكل جنسياته مثل ” لو، تشيللو، نص يوم، الهيبة” التي لقيت انتشاراً عربياً واسعاً، مما يستدعي الوقوف عند تجربته وتحليلها ومعرفة الأسباب التي أدت إلى هذا الانتشار، وإنه من خلال الدراما السورية نرى أنها لم تتوقف بأشد الأوضاع رغم المقاطعات ورغم الحظر وفرضت حضورها، وتواجد الفنان السوري عبْر خيارات التكيف مع هذه الأوضاع الخاصة التي مرّت بها سورية، ليتصدر المسلسل السوري المحطات، والموسم الحالي سيمثل انطلاقة جديدة للدراما السورية، فالإنسان السوري مبدع ويعود ذلك إلى العمق التاريخي الكبير لسورية من حضارات متعاقبة، وإلى عمل وزارة الثقافة على تكريس الإبداع وتعزيزه.
وبدأ الصالح الندوة بتحليل تجربة برقاوي التي تميزت  بالبعد الإنساني بشقيه الاجتماعي والنفسي، والاهتمام بالمزاج العام ورصده آراء المتلقي، ليخلص إلى أنه قلب بوصلة الدبلجة، وشكّلت أعماله ظاهرة فنية عملت على إعادة الهيبة إلى الدراما السورية والنهوض بها، ثم عرض فيلماً تعريفياً، لخص مراحل إبداع برقاوي مبتدئاً بالسيرة الذاتية، وتدرجه بالعمل بتفاصيل المهنة من ديكور وإكسسوار وسيناريو، وتمثيل في مشاهد قليلة وصولاً إلى الإخراج، كما تضمن مشاهد من أعماله المشتركة التي اخترقت محطات الوطن العربي بقوة، ومقتطفات من شارات أعماله بأصوات نجوم الوطن العربي.
كلمة شكر
وبدأ البرقاوي حواره مع الجمهور بالحديث عن بداياته باهتمامه بالديكور الداخلي من خلال علاقته بصديق والده مهندس الديكور التلفزيوني نافذ الخطاب، كما أثرى خبرته من خلال مرافقته لوالده صفوح البرقاوي المشرف على المسرح الجامعي، وكان اهتمامه الأول الرسم مما مكّنه من رسم خطوط عملية الإخراج  فيما بعد.
وكانت البداية بعالم الديكور لتنفيذ سهرة بعنوان “الوصية” عام 1994، ثم تحدث عن دراسته السيناريو من مراجع أجنبية لتكون مفتاح عبور له فيما بعد أيضاً لبناء نصّ قوي يعتمد على ورشات الكتابة.
المحطة الإخراجية كمساعد مخرج كانت في مسلسل الثريا المحبب إليه، وتعرف من خلاله إلى مفاصل المشهد الفني، ليشارك بما يقارب بعشرة أعمال منها ذكريات الزمن القادم، وكان قد مثل بعض المشاهد مع المخرج هيثم حقي في خان الحرير مع صديقيه المثنى صبح والليث حجو، ثم خاضت الدراما السورية مرحلة ثانية بعد أن كانت ضمن مدرستين، هيثم حقي وشركة الشام بظهور الإبهار البصري من خلال مخرجين جدد مثل حاتم علي ونجدت أنزور، ثم انطلق البرقاوي لتنفيذ مشروعه معتمداً على ربوبية المخرج كعنصر أساسي بالعمل مع ترك المجال مفتوحاً للتحاور مع الممثلين، ليقسمها الصالح إلى ثلاث مراحل زمنية. الأولى من منتصف التسعينيات حتى 2006 وتمثلت بشكل أساسي بشراكته مع الليث حجو في ع المكشوف وأهل الغرام وبقعة ضوء ج 2، إلى أن جاءت الفرصة لإخراج أول عمل “الوزير وسعادة حرمه”أول إنتاج للفنان أيمن زيدان في المرحلة الثانية منذ عام 2006-2011 ليتوقف عند المنعطف الهام وهو بقعة ضوء ج 6 الذي اعتمد فيه على ورشات الكتابة لكتّاب جدد ولغة بصرية عالية، وقدم ممثلين لبطولة الاسكتشات لأول مرة، مع لوحات مؤنسنة كنوع من الإسقاط، ليكون نقلة في تاريخ بقعة ضوء، كما توقف الصالح عند منعطف هام وهو دخوله الدراما العربية من خلال مسلسل بنت النور، ومن ثم مطلوب رجال الذي كسر القالب الرمضاني كما ذكر برقاوي وجاء بتسعين حلقة مشاركة مع المخرج سامي جنادي، ثم دخلت تجربة برقاوي بالتنوع والتجريب من خلال عمل بعد السقوط الذي تدور أحداثه خلال أربع وعشرين ساعة فقط عبْر ثلاثين حلقة، وكان تحدياً حقيقياً لتقنيات بصرية، وعلى مستوى السرد الدرامي.

الانتشار العربي
المرحلة الثالثة كما صنفها الصالح تبدأ منذ عام 2011حتى الآن ليتوقف معه الصالح عند مرايا  2011التي لم تحقق انتشاراً فعزا ذلك البرقاوي إلى بداية الأحداث الساخنة وقلق المشاهد السوري والعربي، وتعد هذه المرحلة البداية للانتشار العربي من خلال المسلسل المشترك لعبة الموت بينه وبين الليث حجو إنتاج أديب خير، وكانت انطلاقة البرقاوي للعمل في لبنان ليخترق المحلية بتطورات درامية كبيرة طالت الموسيقا وأغنية الشارات والأهم هو صناعة “التيزر” الذي يكتب له سيناريو قصير خارج نص العمل استخدمه برقاوي للترويج للعمل وإثارة المشاهد ليجعله ينتظر العمل، وتتالت نجاحات برقاوي مع شركة الصباح ليقدم سلسلة من الأعمال التي فرضت حضورها بتكامل العناصر الفنية، مثل تشيللو الذي تميز بموسيقا الريماوي الذي تحدث عن علاقته الحميمة مع البرقاوي في العمل والحياة.
وتطرق الصالح إلى أعمال برقاوي السينمائية بالأفلام القصيرة والتوثيقية ليبقى هاجسه إخراج عمل روائي، ولينهي الصالح حواره بإثارة مسألة دراما المؤلف التي من المحتمل أن تدخل عالم الدراما أسوة بسينما المؤلف، وأثار الجمهور تساؤلات حول أعمال السوب أوبرا والكليب المصوّر، ومسألة إقناع الممثل بالشخصية ليفرد برقاوي مساحة لمشاركة الفنانة القديرة منى واصف بالهيبة والتي تدخلت باختيار أدوات الشخصية.
ملده شويكاني