محليات

بين قوسين لا وساطة ولا محسوبيات!

يهدر الوزير القسم الأكبر من يومه في “تمرير” الوساطات في الجهات التابعة لسلطته، وأحياناً لا يتردّد في التوسط لدى زملائه لتمرير وساطات أخرى، وأثبتت الوقائع في أحيان كثيرة أن بعض الوساطات تخدم الوزير مباشرة!.
وقد تكون الوساطات الأهم التي يستلمها الوزراء هي من قبل رجال الأعمال والتّجار لانتزاع قرارات أو موافقات تخدم مصالحهم الخاصة!.
والسؤال هنا: من يملك القدرة على الوصول للوزراء لتمرير الوساطات؟
الإجابة معروفة: هم المتنفذون وأصحاب المناصب في الجهات العامة والخاصة، والأقرباء والمعارف والأصدقاء.. الخ.
ولكن.. الجهة الأقدر في الوصول إلى الوزراء هم “الحاشية”، وتضم فريقاً من العاملين المقربين جداً من الوزراء بحكم عملهم واحتكاكهم اليومي المباشر معهم. ولا نبالغ إذا قلنا إن “حاشية الوزير” هي الأكثر فعالية في “تمرير” الوساطات وانتزاع الموافقة “الخضراء” للمتوسطين بسرعة تكاد تكون قياسية!.
لا شك أن الكثير من الوساطات هدفها تنفيذ القوانين النافذة لا مخالفتها، ولا شك أيضاً أن بعض الوساطات تطلب بوقاحة فجة مخالفة القوانين، ولا يمكن إنكار وجود فساد في معظم الوساطات وخاصة التي مصدرها حاشية الوزير!.
وإذا كان هذا هو الواقع في السنوات السابقة.. فالسؤال: هل نأمل بدخول مرحلة تنتفي فيها الوساطات والمحسوبيات، ويتفرغ الوزراء لتنفيذ خطط الحكومة بدلاً من هدر جلّ وقتهم في تلبية الوساطات؟.
في السابق كنّا نسمع تبريرات مختلفة من الوزراء مثل عجزهم عن رفض وساطات تأتي من هذه أو تلك الجهة، وبالتالي هم يبررون “تمرير” الوساطات الأخرى!.
والسؤال: هل صحيح أن الوزير لا يستطيع رفض بعض الوساطات وخاصة التي تخالف القوانين أو تتطلّب إصدار قرارات لصالح جهة دون أخرى؟. الوزيرة السابقة لمياء عاصي التي تولّت تباعاً حقيبتي الاقتصاد والسياحة في حكومتين متتاليتين أجابت عن هذا السؤال مؤخراً بكلمات جازمة وحاسمة: من يقل إن هناك تدخلات وإملاءات على الوزير فهو غير صادق، هو شخص غير جدير بالمسؤولية أساساً، لأن الوزير هو أعلى سلطة في وزارته ويستطيع فعل ما يراه مناسباً.
بالمختصر المفيد.. حسم السيد الرئيس بشار الأسد الأمر وخاطب الوزراء مباشرة: لا واسطة بعد اليوم، و”يجب على الحكومة أن تكون حاسمة في موضوع مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وعدم تجاوز القانون إن كان من أجل مصلحة شخصية أو لتحقيق رغبات الغير..”.

علي عبود