تصريحات لاريجاني تكشف سيناريوهات ماضية لاستهدافٍ راهن "فرصة نظيفة" مخطط قذر صنّف سورية كهدفٍ ملّح
البعث – تقارير:
حفز تصريح رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني أمس حول أن “الأزمة السورية بدأ التحضير لها قبل 10 سنوات بالتزامن مع حرب أفغانستان والعراق”، مساعي كشف أوراق الماضي ومحاولة سلسلة الأمور في سبيل الوصول إلى تفسير منطقي لمدلولات هذا التصريح.
وبالبحث والتحري يظهر أن ريتشارد نورمان بيرل وهو سياسي يهودي أمريكي وأحد أقطاب المحافظين الجدد البارزين قام خلال إدارة بوش الابن، بتسليم نتنياهو وثيقة مؤلفة من ست صفحات بعنوان “فرصة نظيفة” سنة 1996، يقول فيها ” تعتبر سورية وإيران أهدافاً ملحّة .. ويفترض أن تعاقب إسرائيل سورية في لبنان ولكن يجب أن تعاقب إسرائيل سورية في المستقبل في سورية نفسها إذا لم ينفع الأسلوب الأول”، طبعاً قبل أن يتحدث عن ضرب العراق، معتبراً أن هذا “بحد ذاته هدف استراتيجي لإسرائيل”، ومع وصول جورج بوش الابن إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني 2001، وضعت “لجنة رئاسية” مكونة من أربعين وزيراً وسفيراً وخبيراً على مكتبه تقريراً بشأن الشرق الأوسط وخيارات السياسة الأمريكية.
اللجنة وفي توصيتها الأولى أكدت على أهمية التحالف الاستراتيجي غير المكتوب مع إسرائيل، واستغلال الدول العربية المعتدلة “مصر، الأردن، المغرب والسعودية” لإبقاء عملية التسوية مفتوحة طوال الوقت.
وفي التوصية ذاتها توجيه للرئيس الأمريكي أنه “عليك أن تواجه المعارضين لسياستنا الحاليين والمحتملين بسياسة رادعة، وهنا فعليك أن تتأكد أن سورية – تحت قيادة الرئيس بشار الأسد – تدرك أن تشجيعها لعمليات حزب الله سوف تستثير ردود فعل ضرورية تعرّض سورية لضربات إسرائيلية موجعة”.
مضافاً إلى ذلك في التوصية الرابعة “عليك أن تهتم بمثلث سورية – لبنان- إسرائيل، وتشجيع عملية تغيير في سورية ولبنان تفتح لك الباب لمفاوضات قد ترى أنك تستطيع توجيهها”، هي تسع وصايا وجهتها اللجنة لنصح الرئيس الجمهوري من ضمنها الاستعداد لتوجيه ضربة عسكرية للعراق، وردع إيران عن امتلاك أسلحة متقدمة، وتشجيع التغيير في كلا البلدين، كذلك تشجيع تركيا على القيام “بدور رئيسي في المنطقة مع إفهامها بطريقة واضحة أنها لا تستطيع أن تمارس هذا الدور إلا بالتعاون مع إسرائيل”.
تم احتلال العراق والعيون بعد ذلك أصبحت على لبنان، صدر القرار 1559 المطبوخ في إقليم النورماندي الفرنسي بين جاك شيراك وبوش، ويذكر الفرنسي “فنسان نوزي” صاحب كتاب “في سرّ الرؤساء” في مقابلة تلفزيونية أن شيراك كان يعتقد بأن خروج السوريين من بيروت سيؤدي إلى سقوط “النظام السوري” من خلال العمل الأمريكي – الفرنسي المشترك ضد دمشق.
ونشر إيال زيسر الإسرائيلي رئيس مركز موشي دايان للدراسات الأفريقية والشرق-أوسطية في تلك الفترة، وقبل اغتيال رفيق الحريري مقالاً بعنوان “انسحاب القوات السورية من لبنان” يقول فيه ” في أية حال، ليست سورية على وشك إنهاء وجودها في لبنان أو دعمها لحزب الله .. ولذلك فإن الضغط الغربي الذي لا يقاوم أو أزمة محلية كبرى هما فقط يمكن أن يؤديا إلى انسحاب سوري حقيقي”، لاشك أن ما حدث بعد ذلك من اغتيال الحريري أحدث أزمة محلية كبرى، ولا داعي للتوضيح أكثر.
في حين قدّم روفين هيرليتش من مركز “الاستخبارات ومعلومات الإرهاب” الإسرائيلي، دراسة بعنوان “الدول الراعية للإرهاب” ويقصد به الدول التي تدعم المقاومة ويخص في دراسته هذه سورية، قائلاً ” في المراحل القادمة للحملة الأمريكية فإن سورية ستكون مجبرة على إعادة تقييم سياساتها .. وسيواجه النظام السوري معضلة صعبة وطامة كبرى لأول مرة في حياته خلال ثلاثين سنة من الحكم، حيث يتجلى هذا المأزق فيما يلي: استسلام سورية التام لهذا الضغط الدولي والأمريكي وإجبارها بشكل جذري على تغيير سياستها ودورها في هذا السيناريو السياسي، أو أن ترفض سورية وتدفع ثمناً باهظاً لهذه السياسة”، وإذا رفض الرئيس الأسد ذلك .. فإنه بذلك سيقود بلاده إلى عزلة دولية وسيتحول إلى هدف مباشر عبر مراحل متعددة من أنواع العقوبة التي ستشمل التدخل في الشؤون الداخلية، فرض عقوبات اقتصادية، والقيام بعمليات عسكرية موجهة تهدف إلى تدمير البُنى التحتية للمنظمات الإرهابية المتواجدة في كلا البلدين سورية ولبنان”، انتهى الاقتباس ويقصد الكاتب الصهيوني بالمنظمات الإرهابية فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية التي تدعمها سورية.
لاشك أن لدى القيادة الإيرانية من الأدلة والبراهين ما يكفيها ويغنيها، ليخرج أحد مسؤوليها مؤكداً أن ما يحدث في سورية ليس وليد الصدفة، والغرف المظلمة تسعى منذ زمن وتخطط لضرب الدولة السورية أو فك ارتباطها بفصائل المقاومة في أسوأ الأحوال، كما اتضح من خلال ما كتبه المتآمرون في دراساتهم وتوصياتهم إلى قادتهم عن الطرق والأساليب المناسبة في تفكيك أو إضعاف محور المقاومة.