محليات

بين قوسين “حدائق المهجّرين”؟!بين قوسين “حدائق المهجّرين”؟!

ندرك تماماً أن للتهجير والإبعاد القسري أوجاعه النفسية والجسدية التي تعاني منها مئات العائلات التي تتجرّع ليل نهار مرارة اللجوء وتداعياته على الحياة اليومية، ونعترف أن للحكومة والمنظمات والمجتمع الأهلي دوراً في تأمين مراكز إيواء وبدائل شبه لائقة تفي نوعاً ما بالغرض للمهجّر إن كان شيخاً أو طفلاً أو امرأة، ولكن ثمة “حدائق وشوارع وأرصفة وحتى منصفات” لا يليق بالحكومة ولا بالهيئات الإغاثية والإنسانية والاجتماعية أن تكون مأوى ليس ليوم أو أسبوع بل لأشهر طويلة، وهذا ما يشهد عليه قلب العاصمة دمشق حيث لا حاجة للتقصّي والتحرّي والتأكد فعشرات الأسر هي تحت مرأى أي وزير أو محافظ أو مدير أو مسؤول وصانع قرار وبشكل يومي أينما تحرّكوا، فأغلب حدائق دمشق باتت مفترشاً لأطباق الكرتون والحصائر والوسائد لأناس يمضون أيامهم ولياليهم ويقضون حاجاتهم ويطبخون ويستحمون تحت شمس الصيف في منازل محرّرة من الجدران والأسقف…؟!.
نعم في وسط دمشق يحصل أن تحوّلت الحدائق إلى عشوائية غريبة من المهجّرين والنازحين والوافدين من المحافظات الأخرى وفندق مفتوح في الهواء الطلق لبعض المشرّدين والمتسكعين وضحايا المجتمع وذوي الاحتياجات الخاصة، ونزلٍ لبعض المجانين وأنصاف العقلاء والمتسوّلين، كلهم يشكلون مجتمعاً غير متجانس وبيئة خصبة للفوضى والقمامة والأذى البصري والخدمي والاجتماعي؟.
هنا لا ننقل مشهداً جديداً أو نكشف النقاب عن خبطة صحفية، بل هي صورة للأسف باتت مألوفة دون أن تقلل من جماح بعض تنفيذيينا ودوائرنا المحلية في الحديث عن دعم وتأمين وإغاثة المهجّرين، وبالتالي نقل رؤية بيضاء عن الجهوده الحثيثة لتوفير المسكن البديل الدائم والمؤقت ومعه متطلبات الغذاء والدواء ومستلزمات الحياة الاستهلاكية لهؤلاء الضحايا؟.
مؤخراً ادّعى مسؤول محلي في محافظة دمشق أنه تم نقل كل المهجّرين في الحدائق إلى مراكز الإيواء، فسارعت وأنا الذي نقلت الخبر للتأكد في صبيحة اليوم التالي لأكتشف “عدم صدق هذا الكلام”، لأن الوضع كما هو ولم يتغير، وبالتالي لا تسمية تصحّ على من تبجّح أمام مجلس المحافظة بهذا التأكيد سوى صفة واحدة لانرغب بإطلاقها وفي توصيف آخر “الضحك على لحى الناس”، لأن قاطني الحدائق كما هم يؤكدون أن لا أحد اقترب منهم أو سعى في طريق نقلهم وهم مقبلون على فصل الشتاء الذي يتخوّفون كثيراً من ظروفه القاسية، وفي وقت لا تسعى فيه المحافظة إلى تشغيل حمامات ومراحيض الحدائق، كيف ستؤمّن المأوى والملجأ المناسب؟.
هنا نسأل مسؤول المحافظة صاحب التصريح: لماذا المخاتلة إذا كان التحرّك باتجاه تسكين مهجّري الهواء الطلق لا يتعدّى بعض الحالات الفردية؟ وننصحكم قبل أن يفاجئنا البرد والمطر أن تقدموا الخيم والشوادر لتستر الحقيقة ؟!.
علي بلال قاسم