محليات

استيراد “الستوك” حول السوق المحلية إلى مكب للتخلص من قمامة الدول المصنعة تحذير مسؤول من خطورة النفايات الإلكترونية.. وإجماع على توطين المعالجة والتدوير لتحويل الخسارة إلى ربح؟!

للنفايات الإلكترونية خطورة كبيرة انتشرت ونمت في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، وهي التي تشكل نوعاً من التلوث البيئي الخفي، ويعرض حرقها أو تفكيك أجزائها الداخلية التي تحتوي على المعادن كالزئبق والرصاص وكثير من المخلفات السامة الإنسان والبيئة إلى التلوث، وفي حال تمّ تخزينها بطرق غير سليمة فإن تأثيرها الصحي سيكون كارثياً.
ويقرع مدير معالجة النفايات الصلبة في محافظة دمشق المهندس موريس حداد في حديثة لـ”البعث” جرس الإنذار من خطورة النفايات الإلكترونية إذا لم يتم التخلص منها بشكل آمن، فإعادة تدويرها تحتاج إلى تقنية عالية وإمكانيات كبيرة ودراسة جدوى اقتصادية مكلفة للغاية، ومع أنه لا يمكن تقدير كمية النفايات الإلكترونية أو حجمها في محافظة دمشق كون هذه النفايات غير معلنة ولا ترحل يومياً ولا توجد معلومات رسمية عن كميتها، فقد تم تشكيل لجنة موسعة من وزارة البيئة والجهات المعنية (محافظة دمشق، ووزارة الإدارة المحلية، ومركز البحوث العلمية، ووزارة الصناعة، ومديرية الجمارك…) لوضع دليل لإدارة النفايات الإلكترونية ودراسة كميتها والجدوى الاقتصادية وطرق معالجتها، إلا أن اللجنة توقفت عن العمل بسبب الأحداث الراهنة كون الموضوع يتطلب جولات ميدانية على المحافظات وضبط الكميات الداخلة إلى القطر، إضافة إلى أن القسم الأكبر يدخل بطريقة التهريب وبالتالي لا يمكن الوصول إلى معلومات دقيقة عن كمية النفايات الإلكترونية.
وفيما يخصّ النفايات غير العضوية مثل الزجاج والحديد والبلاستيك فهذه النفايات يمكن إعادة تدويرها والتعامل معها بسهولة وأمان، فهي لا تحتاج إلى الكثير من الخبرة بل يكفي تجميع هذه النفايات وإرسالها إلى المعامل المختصة لإعادة تدويرها، أما النفايات الإلكترونية فتحتوي على عناصر سامة للإنسان والبيئة مثل الزئبق والرصاص وبعض المعادن الخطرة، وبالتالي فإن التعامل مع هذه العناصر السامة يحتاج إلى خبراء وأجهزة وقاية وهذا متوفر في الدول المتقدمة التي تملك شركات كبيرة مختصة بهذا العمل، وتعتبر تكلفة إعادة تصنيع ومعالجة النفايات الإلكترونية باهظة الثمن وذلك لاحتوائها على العديد من العناصر الكيماوية وبعضها خطر جداً وكل عنصر يحتاج إلى تجهيزات خاصة لمعالجته، ويوجد في سورية ممن يعملون على إعادة تدوير بعض النفايات الإلكترونية بشكل شخصي وغير مرخص أو منظم وبمجهود فردي دون الأخذ بالاعتبار عامل الخطورة.

منع استيراد المستعمل
وينصح مدير معالجة النفايات المواطن أن يعي مدى خطورة النفايات الإلكترونية ولاسيما الذي يعمل بصيانة هذه الأجهزة، فعند تعامله مع هذه العناصر يجب اتخاذ إجراءات الحيطة والأمان من الأبخرة التي تصدرها عند تعرض تلك العناصر إلى الحرارة، وهنا حريّ بوزارة البيئة أن تقوم بحملات توعية عن طريق الإعلام والجهات المعنية والمدارس وتخصيص أمكنة خاصة للرمي والتجميع.
وطالب حداد الجهات المعنية بإصدار التشريعات والقوانين التي تمنع استيراد الأجهزة الإلكترونية المستعملة أو قليلة الجودة بحيث لا تصبح البلد سوقاً للتخلص من النفايات الإلكترونية الخاصة بالبلدان المتقدمة، بل تقوم باستيراد الأجهزة ذات المواصفات العالية والعمر الطويل، كما يجب توعية المواطن وتشجيعه على فرز النفايات الإلكترونية عن النفايات الأخرى ووضعها في الحاويات الخاصة بها ولاسيما في الأسواق التي تبيع وتعمل بصيانة الأجهزة الإلكترونية.
وعن وجود سوق دولية لإعادة تصدير هذه النفايات قال حداد: للأسف فإن السوق الدولية لإعادة تصدير النفايات الإلكترونية هي الدول النامية والفقيرة، حيث تقوم الدول المتقدمة بتجميع الأجهزة الإلكترونية القديمة والتي قد تكون صالحة للعمل لفترة قصيرة وتقوم بإرسالها كهبات للدول النامية والفقيرة، وبالتالي تكون هذه الدول قد تخلصت منها وبحيث لا تتلف هذه النفايات على أراضيها ولا تعرض مواطنيها للتلوث.

مكلفة مادياً
ومع أن إدارة النفايات الإلكترونية تعدّ من المشاريع الحديثة ومكلفة مادياً، فإن توطين هكذا مشاريع يمكّن في النهاية من تحويل الخسارة المادية إلى ربح وخاصة في مجال الحفاظ على البيئة بعد معرفة الكميات الموجودة والجدوى الاقتصادية من إقامة المشاريع.
وبالنسبة لمحافظة دمشق أشار حداد إلى أن مديرية معالجة النفايات الصلبة قامت بإنشاء مستودع النفايات الخطرة ومنها الإلكترونية، وهو مستودع من البيتون المسلح مبنيّ تحت سطح الأرض منذ 2007 والغاية تخزين النفايات الخطرة ومنها الإلكترونية مع دراسة إمكانية إعادة تدوير هذه النفايات في حال تحقيق الجدوى الاقتصادية من إنشاء معامل لها، وفي حال الجدوى الاقتصادية غير المجدية يتم دفن هذه المواد تحت الأرض بشكل آمن ودون خطورة على تلوث التربة والهواء.
دمشق– فداء شاهين