محليات

بين قوسين شباب الوزارة؟!

أعطت التشكيلات الحكومية التي حيكت خلال السنوات الأخيرة صورة ليست نمطية عن وجوه وأعمار لم تكن موجودة في زمن “المعالم” المجعدة لوزراء من فئة عمرية، تدور حول سن الخمسين وما فوق، بدلالة رؤوس علاها الشيب وعيون بنظارات سمكية تختزن خلفها أدمغة لم تكن هيّنة في مراحل كان البلد فيها على “كف عفريت” سياسياً واقتصادياً، حيث كان شعار الإنقاذ حاضراً آنذاك لتستطيع الأطقم “المعتقة” التي دارت كؤوسها على شخصيات عديدة تحفظها الذاكرة المجتمعية عن ظهر قلب أن تتجاوز حواف الهاويات التي وصلت إليها الظروف، وما لف لفيفها من عقوبات وضغوطات وحصار مشبع بالتجويع وفصول “الموت في الحياة” التي ارتضاها الخارج وتحديداً الأعمى منه!.
هو مشهد لم يألفه الشارع -الذي يشكله العقد ما بعد الأربعيني- كثيراً بأن يكون “للشباب”حضور أقوى، لا بل لم أكن لأتوقع شخصياً أن يكون بين وزراء الحكومة الحالية وزير لأهم الحقائب “الاقتصاد” يصغرني سناً وأنا الذي أدّعي الفتوة من طراز 1975 وهنا بيت القصيد الذي أثار لدى الرأي العام الكثير من الانجذاب نحو تمثيل أوسع وأكبر للمنتجين وأصحاب الكفاءات الأقل عمراً في صفوف صنّاع القرار رقم واحد حكومياً وتنفيذياً، لدرجة راح الشباب يخرج من تحت شماعة “الإقصاء والتحييد” إلى مساحة أكثر أملاً مفادها الدخول في معترك المسؤولية من أوسع أبوابها، ليرى البعض في تحول كهذا فرصة لحرق مراحل الانتظار الذي يعتقده الشباب المتعلم والكفؤ طويلاً للوصول إلى سدة الكرسي الإداري ولاسيما في السياق العلمي والفني والإداري.
قد لا يأخذ التأمل بالتركيبة الجالسة على طاولة رئيس الحكومة الشاسعة فترة طويلة لتجد أن جلّ الأدمغة الحاضرة ذات رؤوس مغطاة بالشعر في إشارة ليست مقياساً للعمر، بل تعطي دلالات على مستوى التغيير والاستهداف النوعي لبلد يتفاخر بأن مجتمعه فتيّ، أي أكثر من نصفه شباب “نأسف” أن نسبة منهم راحوا ضحايا لحرب مفروضة عليهم، فبدلاً من أن ينشغلوا بالعلم والفكر والبناء تحولوا إلى “مشاريع شهادة” في واجب الجندية كأولوية في معركة بقاء وصمود الوطن حاضن المستقبل المفتوح.
بالعموم لم يكن النجاح في العمل العام خارج معايير الشمولية والشراكة موفقاً في مقاييس الأداء والإنجاز، ولم يكن الشباب في يوم ما بعيدين عن الصفوف الأمامية، لكن زيادة الحصة قليلاً تعدّ فألاً حسناً ودليل عافية وخير لتنمويات البلد ومجالات إخراجه من مخاض عنق الزجاجة، حيث لخبرة “الكبارية” ثقل وللفتوة ثقل آخر يحقق التوازن المأمول.
علي بلال قاسم